هل سيبقى العالم ماشياً على حبل، يمتد بين ضفتي مضيق هرمز في الخليج العربي؟ أم سيحسم الأمر لصالح المنطقة، وتشفى إيران من عصابها القهري، وتقول إن الله حق. أسئلة تشغل بال الناس في المنطقة، وأفكار تدور رحاها في رؤوس الذين يعتبرون السلام أسلوب حياة، وأن المكابرة والتعنت والتزمت، واختلاق الحجج والمبررات لإثارة التوتر، لن تجدي أصحاب الأجندات المراوغة، والسياسات الثورية المراهقة.
منذ أن وصل الملالي إلى السلطة، والبوارج تؤم المياه الصافية في الخليج، ومنذ أن وطأ الشعار الديني الزائف أرض إيران، والمنطقة تعاني من حمى التهديد والوعيد، وتسديد التهم إلى الغير، واعتبار الخليج العربي منطقة محظورة، إلا على جحافل الحرس الثوري، ومن والاه وحاباه، وكل من اعتراه الهذيان، وهلاوس السطوة والسيطرة على سيادة الغير، وكل من حلم في ذات غفلة أن المجوسي من عرق أري، وعليه أن يخطو خطوات أدولف هتلر الذي زال طموحه، وآل إلى انتحار الحالم، وذهاب الحلم إلى جحيم التلاشي والاندثار، وذلك بعد التضحية بملايين البشر الأبرياء، والذين ذهبوا ضحية لقانون القوة.
من يراقب المشهد في الخليج العربي يرى ما يراه النائم في ليلة كابوس، تذهب الطمأنينة، لأن هناك في الضفة الشرقية من خليجنا تكمن الآفة، وتختزن المياه عناقيد شر مستطير، لا يهدأ ولا يهنأ إلا عندما تستعر المياه، وتسجر، ويطوق الطوفان الأعناق والأعماق والأشواق، ويختزل الزمن الإنساني بطائفة مرتجفة، وأثنية مكتظة بأوهام وألغام، وإدغام لن تختفي إلا بقدرة قادر عليم، حكيم حليم، يعيد الأمور المعوجة إلى نصابها الصحيح، ويصحو من شغلته (الأنا) المتهورة عن رؤية الحقيقة، حقيقته التي لا ترقى إلى مستوى كل هذا التهدج والزبد الذي أغرق الخليج العربي، بفقاعات أزعجت الشطآن، وكدرت خواطر الإنسان، وسوّرت الأشجان بلغط وشطط، وجعلت من حياة الناس ما يشبه الغبار المتطاير، إثر عفرات وعثرات وانهيارات في العقول قبل الأرض.
فالذين يتعاملون مع الدول الكبرى ككبار، وتساورهم أنفسهم أنهم يجلسون على أرض، ولاتها يملكون ناصية الحقيقة في الدنيا والآخرة، هم يدخلون غرف الخدعة البصرية، وينامون على أسرة قماشتها من خيوط الوهم، وساعة الحقيقة سوف تتمزق القماشة، ولن يروا أنفسهم إلا خلف الأفق يشربون ماء البحر الذي لوثوه بنفايات أيديولوجيتهم البائسة.
لا نتمنى للشعب الإيراني أي مكروه، ولكن سكوته على نظام يرمي كل مثل الدنيا وقيمها ومبادئها عرض البحر، ولا يبقى إلا على زوارق الهدم والتدمير، سوف يكلفه ثمناً غالياً، وأول الأثمان مصير الجيل القادم، الذي لن يرى أمامه سوى أنقاض بلد كان يسمى (إيران).