لو أتينا بسحرة فرعون، وكهنة بابل، وكتاب الرقي والحروز، والمنجمين من أقصى العالم وأدناه، لن يستطيع أحد أن يفك شيفرة ما يحدث بين أميركا وإيران. فعلاً إنها أشد تعقيداً من عقدة أوديب التي تحدث عنها فرويد، فعلى الرغم من سذاجة السلاح الإيراني، والذي هو لا يتعدى أكثر من خردة، مجمعة عبر سنوات القحط السياسي الإيراني، والذي طالما هددت به إيران إسرائيل، ووعدت بتحرير القدس، وإقامة الدولة الفلسطينية التي ينعم أهلها برغد العيش والحياة الهانئة. ولم نجد من هذه الوعود إلا الحروب بالوكالة، عبر تنظيمات يقودها زعماء ينتمون إلى أفكار لا تتجاوز خرافات رأس بوتين في العهد القيصري الروسي، هؤلاء (الأفذاذ) ليس لديهم من مقومات الزعامة غير الخطاب العصبي الطافح بالزبد، والألفاظ النابية التي لا تخدم غير الأغراض الطائفية البغيضة. وعلى الصعيد الآخر نجد تهديدات أميركا لإيران، أشبه بالفقاعات التي تظل في حالة الانتفاخ حتى تنفجر في الفراغ، ولا شيء غير ذلك. إنه حب من نوع آخر، وكراهية تقلب الهرم رأساً على عقب، ولا نتائج غير المزيد من الرغوة الصابونية، الأشبه بصابون (دريا) إيراني المنشأ، وغير الصالح إلا لغسيل محارات البحر الفارغة. تعرف أميركا على يقين أن ما تقوم به إيران من أفعال لا يسهم إلا بتخريب المكان الإنساني، وتحويل المنطقة إلى بؤرة خطر، لا تصلح للعيش المستقر، ونعرف أن أميركا لو أرادت أن تسكت البوق الإيراني، تستطيع أن تفعل ذلك في لحظة زمنية صادقة، ولن تستطيع الصواريخ
البلاستيكية أن تنهض من على الأرض، ولكن لماذا لا تفعل أميركا ذلك، وتخلص العالم من الضجيج الإعلامي المقلق؟ حقيقة إن ما يحدث يحتار فيه الفهيم، ويدوخ من غباره كل من لديه بصيرة. لا أحد يستطيع أن يتنبأ ماذا يختبئ في معطف هذا السجال الهوائي، ولكن كل ما نستطيع أن نجزم به، هو أن إيران لن تصدق أنها ليست دولة عظمى كما تتوهم، إلا عندما ترى العين الحمراء، وقد قالها أحدهم قديماً، (إن العالم لا يستمع إلا إلى طرقات الأخف الثقيلة)، وإيران تحتاج إلى خف ثقيل، لتعرف أن الله حق، وأن العالم لا يحتاج إلى ثورة مفلسة كي تمنحه حق العيش. العالم سئم من الشعارات المدمرة، وقنط من المراهقة الثورية، التي لم تجلب للعالم غير المزيد من الأمية والفقر والمرض، ومن يطلع على الوضع الإيراني الداخلي، يعرف جيداً ماذا فعلت ثورة العباءات السود، وماذا فعل الكذب والتدليس بشعب كان يستحق الحياة، ولا يستحق كل هذا البؤس والهوان، وعذابات انتظار الذي لا يأتي.