أرادت العروس الجديدة «وعد» أن تبدو في أجمل حُلة لها أثناء الحفلة التي ستحضرها، ولهذا طلبت من جارتها «حياة» صاحبة القلب الطيب أن تعيرها عقدها اللؤلؤ الكبير. لم تتأخر الجارة في قبول طلبها، بل وزادت على إعارة العِقد بأن أهدتها وشاحاً جذاباً سيزيدها بهاء. وبعد الحفل ولسوء الحظ ضاع العِقد، وعندما انتبهت لذلك قلبت الدنيا عليه ولكنها لم تجده. حاولت كثيراً هي وزوجها أن يشتريا عقداً شبيها له، ولكن ارتفاع سعره حال دون ذلك؛ ولذا قررا ترك بيتهما والانتقال لآخر، حتى يجدا حلاً لرد الأمانة!
قرر الزوجان أن يعملا بجد ليجمعا ثمن العقد ويرداه لصاحبته مهما بذلا في سبيل ذلك. ساند الزوج المحب زوجته، ولكنه بعد عامين لم يتمكن من الاستمرار فآثر الانفصال. وبعد مضي ما يزيد على الأعوام العشر جمعت «وعد» ما يكفي من المال لشراء عقد يشبه ذلك الذي فقدته في ذلك اليوم المشؤوم. وعندما ذهبت إلى جارتها القديمة «حياة» رحبت بها الأخيرة واستقبلتها بسعادة غامرة بعد أن تذكرتها بصعوبة، فقد كبرت «وعد» كثيراً واستقرت ملامح الشيخوخة في وجهها، الذي بدا منطفئاً بعلامات المرض، وتهالك جسدها الذي أصبح منحنياً بشكل لافت. قدمت المرأة العقد إلى الجارة الطيبة التي استغربت كثيراً، وأخبرت «وعد» بأنها نسيت أمره تماماً، فقد كان من اللؤلؤ «التقليد» أي المزيف!
أفنت المرأة ما يزيد على العقد في وهم «العقد»، الذي اعتقدت أنه أصلي؛ فحسب القصة -التي تصرفت فيها- أضاعت «وعد» زهرة شبابها لتجمع قيمته وفقدت زوجها الحبيب لتلتزم برده، ويفني الناس «عقوداً» في سبيل أوهام لا أصل لها، ويمضون سنوات حياتهم على «المزيف» من الأفكار والقيم والعادات والسلوكيات، وهم لا يدركون ما يفوتونه على أنفسهم وعلى غيرهم. فقط «سؤال» أو «بحث» -أو غيرها من العمليات العقلية التي منحنا الله إياها لاستغلالها في إعمار الكون- ستكفينا لفرز «التقليد» من «الأصلي» لنجنب أنفسنا، ومن يعقبوننا من فوات العمر في ما لا يفيد ولا يُسعد.