يقول الشاعر الغنائي الكبير مرسي جميل عزيز في أغنيته التي شدا بها العندليب عبد الحليم حافظ، على طول الحياة نقابل ناس ونعرف ناس ونرتاح ويّا ناس عن ناس، وبيدور الزمن بينا، يغيّر لون ليالينا، وبنتوه بين الزحام والناس، ويمكن ننسى كل الناس، ولا ننسى حبايبنا أعز الناس.
ولعل تلك الكلمات تلخص مشاعرنا ونحن نتلقى واحداً من أكثر الأخبار ألماً ووجعاً بوفاة الأخ والزميل والصديق أكرم يوسف، أحد أنبل وأنظف وأكفأ الشخصيات التي يمكن أن تقابلها في حياتك، لذا كانت صدمة الوداع وألم الفراق، لاسيما أنه يتعلق بشخصية لا تملك إلا أن تحبها وتقدرها، حيث جمع بين الحسنيين، دماثة الخلق والمهنية العالية، التي وضعته في مكانة متميزة بين كل الإعلاميين الرياضيين العرب، بل يمكن أن نصنفه ضمن الصحفيين النخبة على مستوى العالم، بأفكاره المتفردة ومبادراته وإصداراته، فنال جائزة الصحافة العربية عام 2003 في نفس عام فوز العين التاريخي بلقب كأس آسيا، فاستحق تهنئة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، هناك في مدينة بانكوك عاصمة تايلاند قبل ساعات من اعتلاء العين عرش الكرة الآسيوية.
ومنذ أن استقبلت المبدع أكرم يوسف بالقسم الرياضي للاتحاد قبل 17 عاماً، عندما قرر أن ينتقل بإبداعاته من «الأهرام الرياضي» إلى «الاتحاد الرياضي»، لم أجد منه إلا كل محبة للجميع، وحتى عندما كان يختلف مع أحد الزملاء، كان خلافاً راقياً يحترم آداب المهنة وأخلاقيات الزمالة.
ولأن الأشجار تموت واقفة، ترجل الفارس النبيل عن صهوة جواده، جاءت كلمة النهاية، بنفس طريقة وفاة والده المفاجئة ووفاة شقيقه المفاجئة أيضاً، ويذهب الجسد وتبقى السيرة العطرة التي كانت وراء كم الدموع التي انهمرت في مصر والإمارات ترجمة للوعة الفراق وخسارة الإعلام الرياضي العربي لواحد من أخلص أبنائه، ويكفيه شرفاً أنه لم يسع يوماً إلى تسويق نفسه، برغم نجاحاته التي لا سقف لها، وترك لنا رصيداً هائلاً من الإنجازات المهنية التي كانت أحد أهم أسباب النجاحات التي حققها «الاتحاد الرياضي»، والأهم من ذلك أنه ترك رصيداً من المحبة ندعو الله أن يكون في ميزان حسناته.
ويا صديقي العزيز نم قرير العين، وتكفيك دعوات كل من عرفك وتعامل معك.
وسلام يا صاحبي.