الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الشركات الأميركية تتحسب لتصاعد الحرب التجارية

الشركات الأميركية تتحسب لتصاعد الحرب التجارية
3 يونيو 2019 00:23

أظهرت بعض الأرقام الإحصائية لفترة الربع الأول من العام الجاري تراجع مستوى الإنفاق على المصانع والمعدات وغيرهما من السلع الرأسمالية وسط شريحة واسعة من كبرى الشركات المسجلة في الولايات المتحدة. وعززت هذه الظاهرة من مخاوف المستثمرين إزاء تبدد إحدى الأدوات الرئيسية المنشطة للنمو الاقتصادي.
وأوضح تحليل أجرته وول ستريت جورنال للبيانات المجمعة لدى شركة كالكبنش للمراجعة المالية والتقييم في نيويورك وكامبريدج بولاية ماساتشوسيتس، أن الإنفاق الرأسمالي ارتفع بنسبة 3% فقط في الربع الأول مقارنة بالفترة المناظرة من العام السابق. وغطت عينة التقييم 356 شركة من إجمالي 500 مسجلة في مؤشر «إس آند آمب». ورفعت هذه الأرقام للتسجيل والحفظ في ظهيرة الثامن من مايو الماضي.
وأشار تحليل الصحيفة إلى ارتفاع الإنفاق الرأسمالي للشركات ذاتها محل البحث بنسبة 20% على مدار فترة العام الماضي كله.

مأزق الخلافات التجارية
ويقول مسؤولون تنفيذيون في عدد من هذه الشركات: إن التوتر التجاري المتصاعد بين الولايات المتحدة والصين دفع عملاءهم إلى توخي الحيطة والحذر، مما أبطأ من الإنفاق، الأمر الذي يهدد بخفض معدلات النمو الاقتصادي في أواخر 2019 وفي 2020.
وكانت الحكومة الأميركية ذكرت في أبريل الماضي أن الاستثمار الثابت في الأنشطة غير السكنية بالولايات المتحدة ارتفع بمعدل سنوي قدره 2.7% في الربع الأول من العام مقابل 5.4% في الربع الأخير من العام الماضي. ويغطي هذا المؤشر أوجه الإنفاق في المجالات التالية: برامج الكمبيوتر، والأبحاث والتطوير، والمعدات، والمنشآت.
ومن الملاحظ في هذا الصدد أنه من بين أعلى عشر شركات إنفاقاً في العام الماضي، خفضت خمس منها نفقاتها في الربع الأول من العام ومنها: مؤسسة ألفابيت، وأبل، وآي تي آند أمب، تي، وفيريزون للاتصالات. وبرغم هذا، فإن إجمالي النفقات الرأسمالية لهذه المجموعة تراجع بنسبة ضئيلة. ويعكس هذا من جهة استمرارية في الاستثمار. ومن جهة أخرى، يعكس أثر الرواج في مبيعات السلع المعمرة في خلال العام السابق كنتيجة جزئية لخفض الضرائب الفدرالية آنذاك. وقد أنفقت الشركات العشر الأعلى إنفاقاً ما جملته 38.2 مليار دولار في الفترة محل البحث، مقابل 40.7 مليار دولار قبل عام.
ويراقب كثير من المحللين والمستثمرين عن كثب اتجاهات أوسع نطاقا للإنفاق الرأسمالي. إذ يرى هؤلاء أن الاستثمار الأطول مدى لكبرى الشركات يمثل أحد أهم المؤشرات لنمو اقتصادي أنشط في المستقبل المنظور. ونوضح هنا أن ارتفاع الإنفاق يزيد طردياً من استثمارات الشركات المعاونة والموردين، ويرفع من إنتاجية العمال بمرور الوقت، وينشط بالتالي الناتج الاقتصادي الكلي للشركات المعنية.
وعلينا أن نأخذ بعين الاعتبار هنا أن هذه المنظومة مترابطة الحلقات تعتبر أداة أساسية لزيادة التوسع في الاقتصاد الأميركي والقائم باطراد منذ قرابة عشرة أعوام. وفي المقابل، يجابه هذا النمو عدة تحديات لعل من أبرزها: الخلافات التجارية العالقة، والانخفاض في نمو الاقتصاد العالمي ككل، وانزواء الآثار المنشودة لقرار خفض الضرائب الفدرالية الصادر في عام 2017.

تحفظ كاتربيللر
وقال جيم أومبلبي المدير التنفيذي لشركة كاتربيللر للمعدات الثقيلة: «عندما تطرأ خلافات تجارية من هذا النوع، يعرقل خططنا للإنفاق الرأسمالي قدر ما من التحفظ». وجاء هذا في مؤتمر صحفي عقدته الشركة في 24 أبريل الماضي لعرض نتائج أرباح الشركة، ورد بهذه العبارة على استفسار بشأن خطط الشركة المستقبلية للإنفاق استجابة لتطلعات عملائها. وكانت الشركة قد خفضت نفقاتها الرأسمالية إلى 547 مليون دولار في الربع الأول من العام، مقابل 757 مليون دولار في الفترة المناظرة من العام الماضي.
وقال مسؤولون في الشركة، إن إنفاق كاتربيللر الرأسمالي يتركز عادة على بناء مصانع جديدة، وشراء معدات مهمة لصناعة الآلات المستخدمة في أنشطة التعدين والبناء لمصلحة عملائها. وخلال الأعوام الأخيرة، اضطرت الشركة إلى إغلاق عدة مصانع في أنحاء الولايات المتحدة بهدف مواصلة الزيادة في ربحيتها بالتوازي مع جهودها للاستثمار في مشروعات جديدة. ومن الملاحظ أن خفض إنفاق الشركة في الربع الأول تركز على قطاعي الاتصالات، وخدمة العملاء. أما غالبية الشركات الكبرى المتخصصة في المجالين المالي والتكنولوجي فقد زادت من نفقاتها بقوة خلال الربع الأول من العام محل البحث.

ألفابيت تقلص النفقات
كما خفضت شركة ألفابيت المالكة لجوجل من نفقاتها الرأسمالية بمقدار يزيد على الثلث في الربع الأول من العام ليصل جملة ما أنفقته إلى 4.6 مليار دولار. وتنفق الشركة على شراء مراكز البيانات، والخوادم الرئيسية، والمباني الإدارية. وكانت الشركة قد اشترت مبنى تشيلسي التجاري في حي منهاتن في الربع الأول من العام الماضي.
وبلغت قيمة الصفقة آنذاك ملياري دولار على الأقل، ونشير في هذا السياق إلى أن ألفابيت تصدرت قائمة أعلى الشركات إنفاقاً العام الماضي على مؤشر إس آند أمب لأكبر 500 شركة.
وبرغم هذا التوجه العام، فثمة اختلافات حادة في أداء الشركات ولو كانت في نفس القطاع، فبينما زادت معظم شركات التكنولوجيا من إنفاقها الرأسمالي بمتوسط حوالي 14%، فإن الإنفاق الكلي للقطاع انخفض بمقدار 8% تقريبا في الربع الأول، مقارنة بالفترة المناظرة من العام الماضي.

آبل تقود اتجاه التراجع
انخفضت نفقات شركة آبل الرأسمالية بمقدار 1.8 مليار دولار مقارنة بالربع الأول من العام الماضي، ولعل هذا هو ما تسبب في التراجع الكلي للقطاع. ويتجه إنفاق الشركة صاحبة علامة آي فون للهواتف المحمولة إلى صناعة المعدات، ومراكز المعلومات، والمنشآت، والبنية التحتية.

شركات صناعة رقائق الكمبيوتر
ولم تسلم شركات صناعة أشباه الموصلات من الاتجاه النزولي للإنفاق الرأسمالي، نتيجة لتضررها من النزاع التجاري العالق بين الصين والولايات المتحدة، إذ تعتمد إيراداتها أساساً على حجم الطلب في السوق الصينية، والتصدير عموما. فعلى سبيل المثال، خفضت شركة مايكرون للتكنولوجيا إنفاقها في الربع الأول من العام، وقلصت من توقعات النمو للعام المالي الجاري نتيجة لتراجع غير متوقع في حجم الطلب، وزيادة كبيرة للإنتاج الراكد في مستودعاتها من رقائق ذاكرة الكمبيوتر. وكانت مايكرون واحدة من أكبر 20 شركة إنفاقا العام الماضي.
وتنفق الشركة بسخاء على شراء المصانع، والمعدات اللازمة لصناعة الرقائق المستخدمة في كل شيء تقريباً بدء من الهواتف الذكية حتى أجهزة الكمبيوتر بشتى أنواعها. كما خفضت شركات أخرى عاملة في المجال ذاته من نفقاتها الرأسمالية المستهدفة،أو توقعت تراجعاً فيها خلال الجزء المتبقي من العام المالي الحالي. ولم يشمل تحليل وول ستريت جورنال هذا القطاع بسبب توقيت نشر نتائج أعمالها. ومن اللافت أن شركة فدكس العملاقة لأنشطة الشحن تضررت كذلك من جراء حالة انعدام اليقين السائدة مما دفعها لخفض نفقاتها إلى 1.1 مليار دولار في الربع الأول من العام مقابل 1.4 مليار دولار في الربع الأخير من العام الماضي. وأعلنت الشركة أن أولوياتها ستنصب على تحديث أسطولها من الطائرات وتوسيع منشآتها في ممفيس بولاية تنيسي وفي إنديانابوليس.
وختاماً، يتعين تسوية الخلافات العالقة بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين عموماً بأسرع وقت ممكن حتى تعود عجلة الاقتصاد الأميركي للدوران بالوتيرة المعتادة فيتحاشى شبح تراجع معدلات النمو، وهو خطر لن يسلم الاقتصاد العالمي ككل من آثاره.

بقلم: أمريث رامكومار وثيو فرانسيس

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©