في إحدى زياراتي لعاصمة دولة عربية شقيقة استخدمت سيارة أجرة، وكعادة سائقي هذه الخدمة بدأ الرجل يتحدث عن أحواله وضغوط الحياة ليعرج على البيروقراطية الضاربة أطنابها في مفاصل الأداء الحكومي ببلاده، وكيف أنه يعاني منذ أسبوع لإتمام تجديد ترخيص سيارته، وفاجأني وهو يقول هل تعلم أن في الإمارات معاملة كمعاملتي وغيرها يتم إنجازها في دقائق وبدون أن تتحرك من مكانك، فقط من خلال الهاتف، وبدأ يحدثني عن التطور في الإمارات، التي قال إنه سمع من قريب له «يعمل في بلاد الشيخ زايد»، هكذا قال محدثي دون أن يعرف هويتي بينما الفخر يغمرني بحديث إنسان بسيط يتمنى أن يصل مستوى الأداء الحكومي في بلاده لما تحقق في الإمارات.
الإصلاح الإداري وتطوير الأداء من أكبر التحديات التي تواجهها حكومات العالم، وهو تحدٍ تجاوزته الإمارات بنجاح وبسلسلة من المبادرات أطلقها وتابعها بدأب عاشق المركز الأول وفارس التميز صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي رعاه الله. وها هو اليوم يحرص على نقل التجربة الإماراتية الناجحة في الأداء الحكومي إلى العالم العربي بإطلاق جائزة التميز الحكومي العربي للتطوير الإداري. وتهدف الجائزة التي أُطلقت برعاية سموه وتحت قبة جامعة الدول العربية في القاهرة وتعد الأكبر عربياً إلى إحداث حراك عربي جديد في مجال الإدارة، يطبق أفضل الممارسات العالمية.
قبل إطلاق هذه الجائزة كانت حكومة الإمارات دخلت في شراكة لتطوير العمل الحكومي والارتقاء به مع الأشقاء في جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية. الترهل الإداري والبيروقراطية من ألد أعداء التقدم والتطور ليس فقط على صعيد الحكومات بل وحتى للشركات، وقبل أيام تابعنا كيف ستوفر شركة بحجم فورد للسيارات 600 مليون دولار من خلال القضاء على البيروقراطية.
وفي أي مرفق من المرافق عندما تجد أن إعداد الإداريين تفوق الكوادر المنتجة، فذلك مؤشر على خلل قائم سيتفاقم ويقود لنتائج كارثية، والتي عبرت عنها قصة شهيرة تُدرس حول إدارة الموارد البشرية والخاصة بنملة نشيطة في الغابة انتحرت بعد أن وجدت نفسها تعمل وحيدة وعليها عشرات المشرفين والمدراء الذين أقنع الثعلب ملك الغابة بتعيينهم لمراقبة إنتاجية النملة!!!!.
وللأسف لا زالت عقلية الثعلب تستوطن الكثير من الإدارات وتعيق تطورها وتقدمها.