الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

هل تهدد مصانع السيارات الأجنبية الأمن القومي الأميركي؟

هل تهدد مصانع السيارات الأجنبية الأمن القومي الأميركي؟
27 مايو 2019 05:40

تتسع قائمة مصادر التهديد للأمن القومي الأميركي لتشمل الآتي، الصين وكوبا وروسيا، وتنظيمي القاعدة وداعش، وشركة تويوتا، وكوريا الشمالية، وحزب الله. هل لاحظت شيئا غريباً فيما سبق؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فما هو؟ بالضبط إنه شركة تويوتا!
وإذا كانت إجابتك هي تويوتا، فأنت في هذه الحالة لا يمكن بأي حال أن تكون من أعضاء إدارة الرئيس دونالد ترامب، لأن هذه الإدارة أعلنت الأسبوع الماضي أن السيارات ومكوناتها تشكل مصدر تهديد للأمن القومي الأميركي ما لم تكن مصانعها «مملوكة للولايات المتحدة» وليست منتجات أميركية المنشأ فحسب.
وسادت حالة من الارتياح أسواق رأس المال الجمعة الماضي عندما منح البيت الأبيض مهلة سماح مدتها 180 يوما لا تفرض خلالها رسوم إضافية، على أن تستغل هذه الفترة للتفاوض مع أوروبا واليابان. إلا أن مصطلح «أميركية الملكية» الوارد في إعلان إدارة ترامب يعكس حدة في النبرة، ومنطقا معوجا، ما قد يفضي إلى مزيد من الرسوم العقابية، والقيود الإضافية على الاستثمار في أميركا. وتتمثل حجة ترامب التي عكسها إعلان وزارة التجارة الأميركية في أن «قلة الإنفاق على الأبحاث والتنمية من جانب المنتجين الأميركيين (بالملكية) تسبب في إضعاف الابتكار، ما يهدد بالإضرار بالأمن القومي الأميركي». وتضيف الوثيقة «بالتالي، يجب تحسين ظروف المنافسة عن طريق خفض الواردات».
ولننظر إلى قائمة مصانع صناعة السيارات وتجميعها وإنتاج المكونات في الولايات المتحدة، تويوتا، وهوندا، وكيا، ونيسان، وسوبارو، وهيونداي، و بي.إم.دبليو، وفولكسفاجن، ومرسيدس بنز، ومازدا. ويصل عدد منشآت هذه المصانع إلى نحو 500 موزعة على عدة ولايات أميركية توظف 130 ألف أميركي بصورة مباشرة.
أما مصنع فولفو في ولاية كارولينا الجنوبية فيوظف نحو 4 آلاف وحده. واستنادا إلى المنطق الذي ينطوي عليه الإعلان، فإن شركات السيارات التي تهم الأمن القومي الأميركي هي فقط شركات فورد، وجنرال موتورز، وتسلا، وقد لا تهم شركة فيات/‏‏كرايسلر كثيرا في هذا الصدد نظرا لحصة الملكية الإيطالية الكبيرة فيها.
ونحن كنا نظن أن ترامب يتمنى أن تبني الشركات الأجنبية عددا أكبر من المصانع في الولايات المتحدة. فهو يتباهى بلا شك بحجم الاستثمار الذي اجتذبته بلاده بفضل الإصلاحات الضريبية، وسياسات التيسير المالي التي طبقتها إدارته. وهو على صواب في هذا المجال. ولكن لننظر في تعقيب تويوتا الذي قالت فيه «إن إعلان الإدارة الأمريكية يبعث رسالة إلى تويوتا مفادها أن استثماراتنا ليست موضع ترحيب، وأن إسهامات كل موظف يتبعها في أنحاء الولايات المتحدة لا قيمة لها».
وتملك تويوتا 10 مصانع للإنتاج في 8 ولايات أميركية هي: ألاباما، وكاليفورنيا، وإنديانا، وكنتاكي، ومسيسيبي، وميزوري، وتنيسي، ووست فيرجينيا. ومن الناحية السياسية، فإن ترامب فاز في هذه الولايات كلها في انتخابات عام 2016 باستثناء كاليفورنيا. وهل ننتظر من حكام هذه الولايات أن يصدروا تعقيبا يوضحون فيه إذا ما كانت هذه الوظائف، وتلك الأجور تشكل مصدر تهديد للأمن القومي الأميركي.
علاوة على هذا، فإن تويوتا تملك شبكة تضم 1500 شركة توزيع للسيارات توظف 100 ألف أميركي، إضافة إلى 470 ألف أميركي آخرين توظفهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة من خلال مورديها. ومن المعروف أن المقر الرئيس للشركة في اليابان، إلا أنها تستثمر أكثر من 60 مليار دولار في الولايات المتحدة، ناهيك عن وجود أكثر من 36 مليون سيارة من نوعي تويوتا، ولكزس على الطرق الأميركية.
ولنعد إلى مخصصات الأبحاث والتنمية. إذ تشير تويوتا إلى أنها تسهم في تدعيم الخبرة عن طريق توطين براءات الاختراع من المصادر المفتوحة المتعلقة بخلايا الوقود، والبطاريات الخاصة بالسيارات ذات المحركات الهجين، بينما تواصل استثمارها في الذكاء الصناعي، وتكنولوجيا تسيير المركبات ذاتياً، وابتكارات التحكم الآلي. وسيصبح أي من هذه الابتكارات مصدراً للتهديد في حالة واحدة وهي انتقال مصانع تويوتا إلى خارج أميركا.
من جهة أخرى، فإن تويوتا، وهوندا، ومعظم شركات إنتاج السيارات الأجنبية الأخرى في الولايات المتحدة شركات مساهمة ومدرجة في أسواق المال، وتشكل الملكية الأميركية حصة كبيرة فيها. وتحوز صناديق الاستثمار الأميركية على ملايين الأسهم فيها لمصلحة ملايين الأميركيين المستثمرين في البورصات.
وفي حين توجد الإدارة في اليابان، فإن الجانب الأكبر من النجاح الذي حققته شركات السيارات تلك يعتمد على النجاح في السوق الأميركية. وينعكس نجاح هذه الشركات إيجابياً بالتالي على المستثمرين الأميركيين.
خلاصة القول، إن مفهوم «الملكية الأميركية» إذا ما تحول إلى شرط للاستثمار في الولايات المتحدة، فإن الاستثمارات المتجهة إلى السوق الأميركية ستقل كثيرا. ولننظر ماذا سيحدث إذا قررت الدول الأخرى الحد من الواردات الأميركية وتقليص مبيعات السلع الأميركية في أسواقها لأن الشركات المنتجة لها غير مملوكة محليا. أليس هذا ما تسعى إليه إدارة الرئيس ترامب حاليا تجاه الصين ويصفه الأميركيون بالممارسات التجارية السيئة؟
وقد يكون لسياسة ترامب وجاهة في حالة الصين، بهدف فتح الأسواق الصينية أمام السلع الأميركية. إلا أن حجته فيما يتصل بالرسوم الإضافية على السيارات، أو الحد من استيرادها، يشكل سياسة حمائية صرفة ستستفيد منها بضع شركات أميركية فقط. لكن هذا بالضبط هو ما سيجعل من الولايات المتحدة بلدا «صغيرا» مرة أخرى وليس العكس.

إعداد:‏‏ هيئة تحرير وول ستريت

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©