لكل دولة دستور وعلم وقيادة، وثوابت وطنية ومصالح أساسية، والخروج على أي منها، ليس معارضة سياسية، بقدر ما هو خروج عن البلاد نفسها، واصطفاف ضدها، لمصلحة غايات شخصية أو تنظيمية، أو سوى ذلك، مما يرقى إلى الخيانة الوطنية أحياناً.
لا غموض في واقعنا الإماراتي من هذه الناحية. لدينا بلاد توشك أن تبلغ نصف قرن من الاتحاد والتنمية والرفاه، وقيادة محل ثناء العالم اتزاناً وعقلانية وحكمة، و«بيتنا متوحد» تحت علمنا، ولا نعاني من ارتباك الرؤية في خياراتنا. نحن مع بلادنا وقيادتنا دائماً، ولا نقبل بأوهام التنظيمات العنيفة، ولا بما تبيعه من أكاذيب، ولا بأي بيعة، إلا بيعة خالصة للدولة، ورئيسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.
وأن يعود المواطن عبدالرحمن بن صبيح السويدي، المدان في قضية التنظيم السري «الإخواني» إلى ثوابت الإمارات، فذلك صواب مطلوب، وإن تأخر، ويكشف مجدداً سوء المخطط الذي سعى «الإخوان» إلى تنفيذه قبل أعوام ضد أمن الإمارات واستقرارها وشرعية قيادتها، كما يؤكد عدالة القضاء الإماراتي في استخلاصه وحكمه على أفراد التنظيم السري، الذين حاولوا نقل الفوضى إلى بلد راسخ في التنمية والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون.
السويدي، الذي عفا عنه رئيس الدولة، نقض بيعته لـ«الإخوان»، وخرج من التنظيم، بعدما تبينت له شرور وأخطار ما كان يدبره للإمارات، حينما استغل المتطرفون صعود خطابهم في سنوات «الربيع» المؤلمة، وتجاهلوا أن الحقوق التي خرج العرب للمطالبة بها في الشارع في 2011، أدركها بعد نظر الشيخ زايد، قبل نصف قرن، حينما أسس دولة موحدة، ستكون بعد سنوات مشروع النهضة الأكثر نجاحاً في الإقليم.
يعود السويدي إلى البيعة للوطن. وهذه بيعتنا جميعاً، ونصها «عيشي بلادي». نشيدنا الوطني المحفور في وجداننا منذ الطفولة، ومن ساحات المدارس، إلى ميادين العلوم والفنون، ومختلف مظاهر الازدهار في الإمارات. إذ لا بيعة أخرى لأي جهة أو تنظيم، ولا مصلحة لفرد أو جماعة، يمكن أن تتقدم على مصالح الإمارات السيادية.
العفو عن السويدي جزء من نهج التسامح المكرس في الإمارات، ويشكل فرصة للعودة إلى جادة الصواب والوطن، لمن أعلن الولاء للإمارات. وما عدا ذلك، فسلوك خارج عن جوهر المواطنة، وقدسية الوطن، ويصبح أكثر خطراً وشذوذاً حين يكون الولاء لعصابات تنظيمية، تستغل الدين في الوصول إلى غاياتها، وقد رأينا جميعاً، كيف حلت النكبات بأكثر من بلد عربي، حين تسيّد التطرّف والجهل واليأس.