تتجه الأنظار بعد أيام قليلةٍ إلى معرض أبوظبي الدولي للكتاب الذي ينعقد في عام التسامح واختيار الهند ضيف شرف هذه الدورة، واختيار الشاعرة الإماراتية فتاة العرب شخصية المعرض لهذا العام. والتسامح كقيمة إنسانية عالمية يتجلى في طبيعة التعامل مع الثقافة باعتبارها البوابة الأولى التي يمكن أن نبني منها نسيج التسامح بين الشعوب. والقبول بالآخر يبدأ أولاً بالتعرف على خطابه الثقافي، على كتبه ومؤلفاته، والمعرض هو الجسر الأكبر الذي يمكن أن تلتقي عليه مختلف الثقافات وتتجاور كلها على طاولة واحدة.
من بين الكتب المهمة بالطبع كتاب «قصتي» لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. وهو كتاب ثري في مضمونه وفلسفته، حيث يقدم تجارب ناجحة ورؤى وأفكار واحدٍ من أهم القادة في العالم. وتتنوع قصص الكتاب ما بين الإدارة والفروسية والشعر والسياسة بأسلوب واضح ودقة في المعلومات بما يجعله مرجعاً تاريخياً مهماً للقراء على اختلاف توجهاتهم واهتماماتهم الثقافية. وهناك بالموازاة كتب أخرى كثيرة ستصدر في المعرض لكتاب وأدباء من الإمارات.
تحل الهند ضيف شرف على معرض هذا العام بكل ما تمثله هذه الدولة من تنوع وثراء واختلاف يجعل من حضورها نموذجاً للتسامح. كما أننا في منطقة الخليج، نختزن ذاكرة طويلة من التواصل والتفاعل مع الهند وناسها ولغاتها ودياناتها، ويمتد التبادل الثقافي بيننا إلى الموسيقى والسينما والمأكل والمشرب وحتى النسب والاختلاط. وهناك الكثير من الباحثين في الإمارات والخليج الذين رصدوا مظاهر التأثر والتأثير الثقافي مع الهند منذ مئات السنين. لكن الحضور الأبرز للهند في المعرض سيكون بالطبع في الإصدارات الجديدة والنشاط المصاحب والفعاليات.
يحتفي المعرض بالشاعرة الإماراتية عوشة بنت خليفة السويدي التي فقدتها الساحة الشعرية الخليجية والعربية العام الفائت. وهي التفاتة ذكية من اللجنة المنظمة أن تكرّم هذه القامة الشعرية الكبيرة التي جددت في القصيدة الإماراتية، واستطاعت أن توصل جماليات اللهجة المحلية بجرسها السريع وتكرار قوافيها وتشابهاتها إلى مسامع الجميع. فهي كما وصفها المغفور له الشيخ زايد «ركن عود الهوى وفنه». وتختزن قصائدها الكثير من المواقف والأحداث التاريخية والاجتماعية المهمة.
يأتي معرض أبوظبي الدولي للكتاب هذا العام والإمارات تعيش عرساً ثقافياً كبيراً يقوم على أساس الانفتاح على ثقافات العالم والتواصل معها وبناء جسور المحبة باعتبارها القيمة الحقيقية التي ترسّخ لمجتمع واعٍ ومتسامحٍ وسعيد.