هناك عقول تعكف عبر مراكز أبحاث ضخمة فيها عدد كبير من الباحثين المتخصصين في علم النفس وعلم الاجتماع على دراسة الإنسان وسلوكه، تهدف من كل ذلك إلى أمر واحد فقط، هو فهم سلوك الأفراد على اختلاف أجناسهم وأعمارهم وبيئاتهم، للتأثير في نواح عدة من ضمنها  توجهاتهم الاستهلاكية.
بالتأكيد لن تفاجأ من ذلك، فهذه الحقيقة تقال كثيراً، غير أننا لا ندري تبعاتها، أو على أفضل تقدير، لا نولي تلك التداعيات الأهمية اللازمة. فما يحدث أنه يتم بيع تلك المعلومات لشركات كبرى لاستغلالها في تسويق منتجاتها بأفضل الأساليب الممكنة! وهذه الشركات تعتمد أساساً على قدرتها في التأثير على ثقتك بنفسك؛ وإقناعك بأنك ناقص ولن تكتمل إلا باقتنائك منتجها؟!
فلن تسعد بنفسك وتكتمل ثقتك إلا إذا حصلت على هذه السيارة، وتلك الحقيبة، واقتنيت ملابس تلك الماركة، وتناولت طعامك في هذا المطعم، وحصلت لأطفالك على هذه اللعب. كما أنك لن تشعر بتميزك إلا إذا كنت من زبائن هذا المحل، واستخدمت منتجاته، من دون ذلك لن يراك أحد ولن يشعر بك الآخرون ولن يقدرك من حولك!
يقدم الكثيرون منا تكلفة باهظة للحصول على تلك الأشياء المادية، على اعتقاد أنها تشعرهم بتميزهم مقابل الآخرين، وهذا دليل على خلل في الثقة بالذات. وهذا يحدث طوال الوقت، هم يجاهدون لكي يقنعونا بأن نوجد لأنفسنا مكاناً مميزاً في مجتمعاتنا عبر استهلاكنا منتجاتهم.
عبر هذه الرسائل التي تبث حولنا وعبر من يتبنونها بلا أي وعي ويعيدون تصديرها للآخرين بلا أي درجة من الفهم وبأعلى درجات الخواء الفكري، يتم استدراجنا لتحقيق مآرب مادية ينعم بها آخرون لا نعرفهم عبر شرائنا لمنتجاتهم، ولكنهم يعرفون تماماً ما يجنونه من تصديقنا لرسائلهم.