صيف العام 1999 أجريت لقاءً صحفياً مع أحد الرجال الُخلص المقربين من الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الشيخ سالم بن حم، رحمه الله، بمناسبة صدور كتابه «رحلتي مع زايد» وأفردته « الاتحاد» على صفحتين في الملحق الثقافي للصحيفة.
أوجز الرجل بتعابيره البدوية البسيطة خلاصة تجربة مرافقة قائد بحكمة ومكانة المؤسس، وما تحقق للإمارات بأنه «لولا ثروة العقل عند زايد لما استطعنا أن ننعم بثروة البترول التي جاءت لاحقاً»، وبه «بدًل زايد زمن الشدة إلى رخاء وعطاء». وهي ذات الدلالة التي أشار إليها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في أحد لقاءاته مع شباب الوطن، عندما تحدث عن ضرورة امتلاك القائد لرؤية وبوصلة تحدد المسار، وكيف تخرج الأمور عن السيطرة وتنهار عند غياب البوصلة.
استعدت ذكريات ذلك اللقاء في دارة بن حم بالمرخانية في مدينة العين، المفعم بالأصالة والكرم ودفء البساطة والذكريات الجميلة عن محطات في مسيرة الإمارات، بينما كنت في رحلة ماتعة مع كتاب معالي زكي نسيبة وزير دولة «الشيخ زايد وسالم بن حم رفقة لها تاريخ»، والذي قدم له الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية.
حفل الكتاب بين دفتيه بقصص ومواقف وشهادات للتاريخ عن حكيم وقائد فذ، قلما يجود الزمان بمثيل له، على لسان «أحد أبناء الوطن المخلصين الذين تعتز بهم دولة الإمارات، ومكانته رفيعة لدى عموم أبناء القبائل، وقد عُرف بالفطنة والذكاء، وكان يحظى باحترام وتقدير كبير من المؤسس والباني الشيخ زايد، طيب الله ثراه». بينما كان يقول عن نفسه رحمه الله «درست في مدرسة وجامعة القائد والحكيم زايد الخير، وافتخر أني بعدني تلميذاً فيها».
ينقل المؤلف عن بن حم التواضع الجم لباني الدار الذي تجاوز كل التحديات ليبني دولة عصرية منهياً عقوداً من التمزق والتشتت والمعاناة والحرمان. وعندما نستعيد تلك الحقبة من الزمن الصعيب وشظف العيش الذي مر على الآباء والأجداد فإنما نقدم للأجيال دروساً وعبُراً تعزز قيم الولاء والانتماء لتراب هذا الوطن ليبقى عزيزاً شامخاً كما أراده أن يكون زايد طيب الله ثراه، وبارك لنا في قادتنا على نهج زايد.