عدد اليوم
مشبعاً بأصول وتقاليد كرة القدم الهولندية التي يشهد لها التاريخ الخططي بالعديد من الابتكارات الرائعة، وملماً أكثر ما يكون بعوائد كرة القدم الخليجية، يأتي الهولندي مارفيك إلى الجهاز الفني للأبيض الإماراتي، والرهان هو إعطاء هذا المنتخب الهوية الفنية التي ظل يبحث عنها منذ زمن، الهوية التي تطابقه مع خصوصياته الفنية، وتسمح لهذا الجيل الذي وصفناه بالرائع والاستثنائي، بالوصول للمرة الثانية للمونديال.
طبعاً سيكون مطلوباً من مارفيك أن يجرد الأبيض من الجلباب التكتيكي الذي حاكه له الإيطالي زاكيروني، وقد أجمعنا على أنه كان خانقاً للأنفاس، ومانعاً لانسياب الإبداع، وحاجباً للملكات الفنية التي قدم نجوم الأبيض دليلاً عليها قبل مجيئه.
بالقطع، سيكون من الضروري أن نمنح بعض الوقت للمدرب مارفيك ليشرع تدريجياً في تخليص لاعبيه من كل الترسبات الفنية لزمن زاكيروني، والذي لا أحد يقول بأنه كان مضيئاً، حتى لو أن الأبيض بلغ في مونديال القارة نصف النهائي، وليضفي على الأداء الجماعي المتانة التي تضمن للأبيض كسب الرهانات القوية التي ستكون بانتظاره.
ليس القصد أن يأتي مارفيك للمنتخب بالكرة الشاملة التي تفرد المنتخب الهولندي بتقديمها للكرة العالمية على عهد العبقري رينوس ميتشلز، لأن الكرة الشاملة بذاك المفهوم انقرضت بعد أن استوفت الغرض، وليس القصد أن يطبع مارفيك المنتخب على «التيكي تاكا» التي هي من إبداع بيب جواريدولا، ولكن روحها هولندية، لأنها من وحي فلسفة الأسطورة الراحل يوهان كرويف، وقد سقطت هذه «التيكي تاكا» بانهيار الاستحواذ أحد أكبر أساساتها التكتيكية، ولكن القصد هو أن يأتي مارفيك بما عرف عنه من براعة في اختيار الأداء التكتيكي للفرق والمنتخبات التي أشرف عليها، بحيث تكون له صلة بكل مستلزمات الإبداع الحالي بتركيباته وتشعباته الفنية، ويضع اللاعبين في سياقات تستجيب لخصوصياتهم.
لا شك في أن رأي اتحاد الكرة ما استقر على مارفيك تحديداً، إلا بعد اقتناع بسيرته الدالة على نجاحاته، وبعد دراسة عميقة للقابلية والجدوى، وأيضاً لدرجة التطابق مع المشروع الكبير، الذي هو بناء منتخب يجمع بين اللاعبين الذين أكدوا بخبرتهم وجدارتهم ضرورة بقائهم ضمن فريق العمل، واللاعبين الذين سيمنحهم اقترابهم من فكر مارفيك فرصة الدخول للقائمة، وطبعاً الغاية من كل هذا هو أن يكون الأبيض بعد ثلاث سنوات في عداد المؤهلين للمونديال المقبل.
إن حصل الاقتناع بأن مارفيك هو رجل المرحلة، وجب حصول التعبئة لكي يتنظف محيط العمل من الهواجس.
