الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

6 خرافات شعبية عن القراءة

6 خرافات شعبية عن القراءة
27 مارس 2019 01:54

عبير زيتون (دبي)

في مجتمعاتنا العربية نُسجت الكثير من الخرافات الشعبية حول القراءة، ودورها، وأهميتها للعقل والجسد، فنفرت البعض منها، الأمر الذي عرقل انتشارها بينهم كسلوك محبب في حياة الأفراد، بوصفها تارة مضيعة للوقت، وتارة أخرى بأنها غير مجدية ومؤذية، وفقاً لما رصده كتاب «27 خرافة شعبية عن القراءة» للكويتي الدكتور ساجد بن متعب العبدلي، والسعودي عبدالمجيد حسين تمراز، خبير القراءة النوعية، وعضو الجمعية العالمية للقراءة، والعلاج بالقراءة.
وخلال السطور التالية نستعرض لكم بعضاً من هذه الخرافات، مع تفنيد الكاتبين لها بعد وضعها على طاولة التشريح، والبحث، وصولاً لكيفية الرد عليها، بهدف مساعدة مجتمعاتنا، لأن تصبح مجتمعات قارئة، مُحبة للمعرفة، مُحبة للكتاب.

الرواية تسلية «رخيصة»
الخرافة: قراءة الروايات غير مفيدة للعقل ومضيعة للوقت
الروايات هي أفضل عيادة صحية للعلاج النفسي، لأن الإنسان يستطيع عبر الشعور بما يشعر به الآخرون دون أن يكون قد مر فعلاً بما مروا به، أن يفهم أفعال الآخرين، والإحساس بها. فقراءة الروايات تعزز الفكر التحليلي أيضاً، وتمكننا من أن ندرك الأشياء بمنظور أفضل، كما تعزز قدرة الناس على تفهم، وقراءة مشاعر الآخرين وعواطفهم. كما أن الرواية هي مسرح اللغة تراها كيف تلتوي وتصنع معاني لم توجد من قبل، فهي مصنع الخيال وطبيب الإنسانية، فالروايات بالنهاية ليست إلا قصصاً مطولة ومفصلة تحتوي على بشر مثلنا، نرى أنفسنا فيهم، ونجّرب نتائج أفعالنا معهم.

أكون أو لا أكون
الخرافة: يجب أن أقرأ كل كلمة من الكتاب من «الجلدة للجلدة»
القراءة حرية وكل قارئ يتمتع بهذه السلطة التي تجعله يحكم بالفناء على نصوص، ويبعث الحياة في أخرى، وبالتالي ليست هناك قوانين في القراءة، فهي فن يتأثر بكيان القارئ وتجربته الخاصة.
والآن بعد هذه المقدمة هل من الضروري أن أقرأ الكتاب من «الجلدة إلى الجلدة» يعني كاملاً.. بالطبع لا.. فمن الناحية النفسية، إن أكبر عدو للاستمرار في القراءة، هو الإحساس بالتقيد والجبر، فتخسر التجربة خصوصيتها ورونقها، ثم على الشخص أن يقرأ ما يحتاج إليه وما يشعر بأن نفسه تشتهيه. ومن الناحية الفكرية، لا يستطيع القارئ أن يهضم مادة إذا لم يكن مهتماً بموضوعها، لأن الاهتمام يولد التركيز الذي هو أكبر محفز للتفكير. لذلك عندما ينتاب القارئ شعور بالذنب إذا لم يقرأ الكتاب كاملاً، فهذه ليست مشكلة إذا فرض الكتاب ذلك. لكنها تكون نقمة أحياناً عندما تصبح مجرد وسواس من دون هدف ووعي وفائدة لإنهاء الكتاب.

الجنون
الخرافة: القراءة مسبب رئيس للجنون
من المضحك حسب المؤلفين، أن يظن الناس أن الزيادة في التعلم أو المعرفة تضر، فالكتاب يشحننا بالمعرفة، والمعرفة تدفعنا نحو التفكير، والتفكير معول هدم كما هو طوب للبناء. وليس الهدف من الكتاب تحذيرنا أو تسليتنا فقط بل هو تجربة لابد وأن تضع فيك شيئاً جديداً، وتصنع منك كما يقول فرانسيس بيكون «إنساناً أفضل»، فكل وعاء يضيق بما فيه إلا وعاء العلم، فإنه يتسع. لذلك أضحك في وجه من يقول لك في القراءة جنون. ويا حظك في هذا الوصف. ففي الجنون فنون.

ما لا نراه لا يوجد
الخرافة: القراءة ليس لها مردود على الجسد
الكتاب له تأثير يماثل تأثير النادي الرياضي أو المستشفى. هذا ما أكدته دراسة أجرتها جامعة بنسلفانيا الأميركية على عينة مكونة من 1800 شخص يقرأ نصفهم القصص والروايات والمراجع المتخصصة بصفة منتظمة، بينما لا يهتم النصف الآخر بالقراءة. وأجري فحص طبي شامل لهؤلاء الأشخاص، فتبين أن الذين لا يقتربون من الكلمة المطبوعة يعانون من أمراض مثل ضغط الدم، والسكر، والسمنة، والقولون العصبي وقرحة المعدة، والقلب. بالإضافة إلى المتاعب النفسية المختلفة، مثل القلق والتوتر، وفصام الشخصية وغيرها. أما الذين يقرؤون فكانوا أكثر صحة، وتقل بينهم نسبة الإصابة بهذه الأمراض بصورة واضحة. الموضوع وصل إلى أكثر من ذلك، فقد تم تدشين علم العلاج بالقراءة، وأصبح علماً معترفاً به لدى كل الأوساط العلمية، إذ يستطيع الطبيب عن طريقه أن يعطي للمريض روشته قراءة. لأن الكثير من الأمراض العضوية، هو نتيجة اضطراب نفسي للمريض، كما أن الأفكار السلبية لها تأثير سلبي على النفس، وهنا يأتي دور القراءة التي توفر العزلة، فتبعد الفرد عن ضغوط الحياة، وتجعله يرى الحياة بمنظور جديد، ويكتشف من خلالها المعلومات، التي يمكن أن تحل مشاكله وهذا يخفف من الضغط العصبي ويمنح السعادة والراحة النفسية.

ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان
الخرافة: التجربة والممارسة العملية أهم من القراءة
يردد البعض هذه الجملة للتقليل من شأن القراءة، وهي من قبيل الحق الذي يراد به باطل. ففائدة الممارسة العملية والتجربة الحياتية جليلة، في وضعها الأفكار النظرية التي يستقيها القارئ من الكتب، محل التطبيق العملي، لتثبت في عقله. ولكن لا يمكن مطلقاً لطالب المعرفة أن يتجاوز المرور على جسر القراءة والكتب، مكتفياً بالقول إن التجربة والممارسة العملية أهم. حتى لو استطاع البعض أن يبلغ مبلغاً جيداً في مجال من المجالات المعرفية دون الاطلاع على الكتب، فإنه في الحقيقة أهدر كثيراً من الجهد والوقت في التجربة، والخطأ بحثاً عن الإجابات. في حين أنه كان من الممكن أن يجد تلك الإجابات في كتب من سبقوه في هذا المجال المعرفي.
«فالعلم في الرأس، وليس في الكراس»، ولو صح ذلك لما خرج العلماء والعارفون والحكماء من أرحام المكتبات ومن بين رفوف الكتب.

لا أملك وقتاً للتنفس
الخرافة: لا يوجد وقت للقراءة
لنكن واقعيين نحن نعيش عصر السرعة، وعصراً صعباً اقتصادياً، ويحتاج الإنسان أحياناً للعمل عشر ساعات إضافية ولكن في الوقت نفسه، نجد أننا من أكثر شعوب الأرض مشاهدة لموقع اليوتيوب واهتماماً بكرة القدم مشاهدة ومتابعة. وسأضع بعض النقاط الظريفة، التي لها أن تساعدكم على إيجاد الوقت للقراءة منها: تحتاج أحياناً للتضحية إذا أردت أن تنمي عقلك وأن تصنع من نفسك إنساناً مبدعاً فعليك مثلاً استبدال بعض الأوقات الخاصة بكرة القدم أو المقهى أو أي شيء من الهوايات المفضلة بالقراءة. وتحديد وقت معين للقراءة يومياً والالتزام به، وتحديد عدد معين من الكتب لقراءتها في الشهر أو في السنة. إضافة إلى اصطياد الأوقات للقراءة كوسائل المواصلات على سبيل المثال، أو القراءة في المجال المفضل، أو القراءة قبل النوم ولو عشر دقائق فقط. وكما قال الفيلسوف الصيني كونفوشيوس: مهما كنت تظن نفسك مشغولاً، إذا لم تجد الوقت للقراءة فستكون سلمت نفسك بيديك للجهل والنكران.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©