أصبحت هواتفنا الذكية تستر علينا، وتعلمنا قليلاً من الحيلة لنتحاشى الكثير من الصداع، فالتعاريف في الهواتف الذكية هي الطاغية بحيث تختبئ خلفها الأسماء، بعض من هذه الأمور من أجل التذكر، كأن يعرفك المؤجر بساكن الفيلا رقم 18، وهذا يغنيه عن اسمك أو أنت تسجل رقم «زكريا» بالتعريف بمسؤول الصيانة الذي عادة ما يجيب عليك بسهولة، ودائماً يتظاهر بأنه مشغول مثل أم العروس، وأحياناً نستعيض عن الأسماء بالوظيفة أو الملمح الشخصي، وهذا مرده لعدم أهمية الآخر أو لن تتناسب معه في يوم من الأيام، كأن يعرفك أحدهم: المتين أبو نظارة، رغم وجود ألف «درام» بنظارة وبدون نظارة، لكن هكذا يصنفك في رأسه أو يمكن أن يضع أحدهم الاسم مقروناً بالمكان مثل: جورج المريديان أو راعي المداويخ أو موظف الأرشيف، وهكذا نتذكر أرقام الأشخاص بتعاريف اخترعها كل شخص بنفسه، فراعي المرسيدس الأسود خلاص أصبح دمغة في الرأس، حتى لو تعثرت أموره، ولم يقدر على تسديد أقساطها، ودخل في تخاصم مع شركة التمويل، كل هذه الأمور ما تهمنا، وأعرف واحداً من الأصدقاء لو جمع كل من يعرفهم في فيلا كبيرة، مثل حفلة «باربيكيو أو ريسبشن» فستفيض الفيلا بوسعها عن عددهم، وأتساءل مرات هل من المعقول أن يحفظ أسماءهم، خاصة الصديقات الجميلات المتشابهات، إذاً لابد من تعريف في الرأس يضع الأمور في نصابها، مثل «أم يفون، راعية الرنج، تسجيلات الشعب، هاف باك نادي التضامن»، أي كلام يمكن أن يسد عن الاسم، وإلا ذاك المبتلي بزوجة شكاكة ويقتلها الفضول في معرفة ما يخزنه هاتف زوجها، لذا هو يحتاط خاصة أن لعبه في الملاعب غير نظيف، فتجده يسجل تعاريف وطلاسم لو جاء صاحب كتاب «الغزالي» ما عرف يفكها، مثل: الشهامة ردي ميكس، فريدون للكباب الإيراني، رونالدو للعصائر والكوكتيل، صديقة جديدة يسجلها باسم عيادة لزراعة الشعر في تركيا، المشكلة حينما يطول بك الزمن وتنسى تلك التعريفات فتتصل بعيادة زراعة الشعر، وأنت محتاج عصير كوكتيل ساعتها!
طبعاً البنات، أسماؤهن الحركية في هواتفهن الذكية، كلها حركات، على اعتبار «أنهن» صديقات الواحدة الروح بالروح، فتجد هاتف الواحدة يصلّ دهن عود ومخمرية ومعمول ودخون، فكل أصحاب العقل والشوارب الذين غابت أسماؤهم، وحضرت تعريفاتهم التي تجدها، «ونّة شجن، غرشة ماي ورد، الغسق المهيب، زهرة البنفسج الحزين، السدرة الزخمية، عطر بو طويرتين»، هذه الأسماء قيس فاتورة تيلفون، تعبئة رصيد، شنطة تقليد، أما الصاحب الراهي، المغدق، المعطاء، فيمكن أن يكون اسمه في نقّالها «محلات أجمل بكبره»!