الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

"ذا هويا" الأميركية: "نظام الحمدين" متورطٌ في الاتجار بالبشر

"ذا هويا" الأميركية: "نظام الحمدين" متورطٌ في الاتجار بالبشر
22 مارس 2019 00:08

دينا محمود (لندن)

أكدت مصادر إعلاميةٌ أميركيةٌ أن النظام القطري هو «المسؤول الأول والمباشر» عن الكارثة الإنسانية التي تتواصل فصولها حالياً في أوساط نحو مليونيْ عاملٍ مهاجر، يشاركون في تشييد المرافق والمنشآت اللازمة لإقامة بطولة كأس العالم لكرة القدم المقررة في الدويلة المعزولة أواخر عام 2022.
وقالت المصادر - في تقريرٍ نشرته صحيفة «ذا هويا» الأميركية التي تصدر في العاصمة واشنطن - إن هذا النظام «يدير فعلياً دولةً للعبودية في العصر الحديث، عبر قوانين تعطي من يكفلون هؤلاء العمال القدرة على منعهم من الحركة، ما يجعلهم عرضةً للاستغلال».
وشكك التقرير في إمكانية تطبيق ما يروج له «نظام الحمدين» من إصلاحاتٍ مزعومةٍ أعلن عنها الخريف الماضي، لتخفيف حملة الانتقادات واسعة النطاق، التي يلاقيها في هذا الصدد على الساحة الدولية.
وقال في هذا الشأن إن أي إصلاحاتٍ من هذا القبيل لن يتسنى تطبيقها في الفترة القصيرة المتبقية قبل انطلاق المباراة الافتتاحية للحدث الكروي الأبرز في العالم، والمقررة في 21 نوفمبر 2022، أي بعد ثلاث سنواتٍ و8 شهور لا أكثر.
وأشار إلى أن مثل هذه «الإصلاحات» لن تُوضع موضع التنفيذ على الأرجح «قبل أن ينتهي تأهيل البنية التحتية» اللازمة لإقامة البطولة «وهو ما يعني أن انتهاكات حقوق الإنسان (التي تتعرض لها العمالة الوافدة في قطر) ستتواصل» طيلة السنوات المقبلة.
وأكد تقرير الصحيفة كذلك أنه بالرغم من أن هذه التغييرات - التي تتضمن وضع حدٍ أدنى مؤقتٍ للأجور - وُقِعَتْ مع منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة، فإن «الكثير من العمال لا يزالون يتعرضون للانتهاكات وعمليات الاتجار بالبشر».
واستعرضت الصحيفة أوجه الاستغلال الوحشي الذي يكابده العمال المهاجرون في الأراضي القطرية، خاصةً من جاؤوا منهم من دولٍ آسيويةٍ فقيرةٍ مثل بنجلاديش ونيبال. وأشارت إلى أن هؤلاء العمال «يتعرضون لانتهاكاتٍ ممنهجة، ولا يحصلون على الرواتب التي وُعِدوا بها، ويقيمون في ظروفٍ مزرية».
وتطرق التقرير إلى أنواع الابتزاز التي تضطر العمالة الأجنبية للخضوع لها في قطر، من قبيل إجبار أفرادها على التوقيع على أوراقٍ يقولون فيها كذباً إنهم تسلموا كل رواتبهم ومستحقاتهم، مقابل منحهم جوازات سفرهم التي تصادرها جهات عملهم منهم.
وأبرز التقرير ما خلصت إليه تحقيقاتٌ أجرتها وسائل إعلامٍ غربيةٌ على مدار السنوات الماضية من قبل حول هذا الملف، مُشيراً في هذا الصدد إلى ما نشرته صحيفة «الجارديان» البريطانية - مثلاً - من أنها كشفت عن مقتل 44 عاملاً نيبالياً في قطر خلال شهرين فحسب في صيف عام 2013.
وقالت «ذا هويا» - الذي تكمل العام القادم قرناً كاملاً من عمرها - إن نصف هؤلاء قضوا نحبهم جراء الإصابة بأمراضٍ في القلب، وبسبب حوادث متصلةٍ بالعمل. ولا يعدو هؤلاء سوى جانبٍ محدودٍ من إجمالي ضحايا الانتهاكات القطرية المتواصلة بحق العمال الأجانب، والذين تشير تقديراتٌ إلى أن أربعة آلاف على الأقل منهم سيلقون حتفهم بحلول موعد انطلاق البطولة.
واستنكرت الصحيفة الأميركية في الوقت نفسه عدم اكتراث مسؤولي الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» بهذه الجرائم، لافتةً الانتباه إلى إقرار رئيس الاتحاد جياني إنفانتينو في أكتوبر 2018 بلا مبالاة بأن إسناد مهمة تنظيم كأس العالم إلى قطر هو السبب في العدد الهائل من العمال الوافدين الذين أُزْهِقَتْ أرواحهم في هذا البلد.
ونقلت عن إنفانتينو قوله: «عندما تفكر في كل النقاشات الدائرة حول سجل حقوق الإنسان، ورفاهية العمال.. (ستجد) أن هذه النقاشات لم تكن لتحدث دون كأس العالم» وتنظيمه من جانب النظام القطري.
وقالت «ذا هويا» إن ذلك يعني بعبارةٍ أخرى «أن تدشين المشروعات الإنشائية التي قادت إلى حدوث وفياتٍ بالآلاف هو أمرٌ يمكن تبريره (برأي إنفانتينو) بالوعي الذي خلقته هذه المآسي» لدى الرأي العام العالمي.
ولم تغفل الصحيفة التأكيد على المسؤولية التي يتحملها «الفيفا» على عاتقه على صعيد استمرار الانتهاكات الراهنة في قطر، قائلاً إن الأمر بدأ باختياره لهذا البلد المارق مُضيفاً لكأس العالم «وهو يعلم أن ذلك سيؤدي إلى وجود حاجةٍ لمشروعات بنيةٍ تحتيةٍ بقيمة مئة مليار دولار، وسط ظروف عملٍ خطرة، وذلك دون أن يتخذ أي إجراءٍ للضغط على قطر من أجل تحسين هذه الظروف».
وذَكَّرَت «ذا هويا» في تقريرها بموجة الانتقادات والغضب، التي أثارها التصويت الذي أجرته اللجنة التنفيذية لـ «الفيفا» أواخر عام 2010 وأسفر عن اختيار قطر دولةً مُنظمةً لمونديال 2022. وأشارت إلى أن إسناد هذا الحدث الرياضي - الذي لا تفوقه في الأهمية سوى دورة الألعاب الأولمبية - إلى دولةٍ مثل هذه «كان غير مفهومٍ للكثيرين.. (في ضوء) وجود عروضٍ أفضل من الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية».
وقالت الصحيفة إن هذه الشكوك ومشاعر السخط والغضب تزايدت مع تفاقم المشكلات التي اكتنفت تحضيرات «نظام الحمدين» لتنظيم المونديال، بما في ذلك ظهور أدلةٍ تثبت وجود شبهات فسادٍ وتلاعبٍ في الملف القطري للاستضافة.
وأشارت في هذا السياق إلى أن «هذه الدولة الصغيرة التي تأخذ شكل شبه جزيرة، ذات سجلٍ محزنٍ في عالم كرة القدم، إذ لم تتأهل من قبل قط إلى كأس العالم. كما أنها لم تكن تمتلك - حين اختيرت لاستضافة المنافسات - سوى ملعبٍ واحدٍ لا يتسع سوى لـ 41 ألف مشجع».
وشددت «ذا هويا» على أن المشكلة الأكبر في هذا الشأن تتمثل في درجات الحرارة، التي تصل إلى مستوياتٍ قياسيةٍ خلال صيف قطر، وهو «مُناخٌ غير ملائم لمثل هذه الرياضة المرهقة بدنياً»، قائلةً إن الغرابة التي اتسمت بها مسألة اختيار الدويلة المعزولة لتنظيم البطولة الكروية «قادت إلى ظهور اتهامات الرِشى، التي ثبتت بشكلٍ قويٍ عبر الوثائق التي سُرِبَتْ في وقت سابقٍ من الشهر الجاري، وأظهرت أن شبكة الجزيرة التي تديرها السلطات القطرية عرضت 400 مليون دولار سراً على «الفيفا» قبل 21 يوماً فحسب من اتخاذ القرار بإسناد حق التنظيم لهذا البلد».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©