شغلني هذا الحدث الإنساني المبهج والحياتي أكثر مما شغلني غيره.. قليلة هي البطولات التي أبحث عما فيها، وما قبلها وما بعدها.. قليل ما تستوقفني شخوصه وحكاياه لهذا الحد.. بعض الأحداث تصبح بمثابة فرصة لاستكشاف أنفسنا أيضاً ونحن نراها.. بعضها ملهم.. نعم ملهم، تماماً كدورة الألعاب العالمية لأصحاب الهمم، ومن فيها، وما فيها.
أولئك الأبطال أقرب إلى النور.. ما زالوا كما جاؤوا لم يلوث نقاء أنفسهم وسريرتهم شيء.. هؤلاء الأبطال ليسوا وحدهم، ففي الظل هناك نور آخر يسطع.. أم وأب معاً أو أحدهما، واجه امتحان القدر بصدر رحب وابتسامة رضا، وأقبل على المحنة، فحولها إلى منحة.. شق لها طاقات النور في جدار الحياة ورحب بالشمس، قبل أن يكتشف ربما أنه كان أيضاً بحاجة إلى الشمس.
كثيرة هي الحكايات عن أولئك الماضين على جسر الذهب.. حكايات كتبتها النقية المدهشة شمسة سعيد الشامسي، والدة البطل سعيد هاشل، ومعها كل أمهات الأبطال والآباء والإخوة والجيران.. أولئك «ظل النور» ونور الظل.. هم أبطال الحكاية مع بطل خرافي لا يليق به سوى أن نحبه.
الانتصار على اليأس ليس أمراً هيناً على الإطلاق.. هو قطعاً صراع بين غير متنافسين، والتعامل مع أصحاب الهمم يمثل إشكالية بالغة التعقيد أعيت المتخصصين، لاسيما أن حسن النية في التعامل مع طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، قد يكون سبباً في مشاكل لا حصر لها.. الأمر يحتاج إلى معاملة أشبه بمن يتعامل مع الزرع.. مع الورود.. كل شيء بحساب.. حتى المحبة والعتاب.
هناك إجماع بين المتخصصين في هذا العالم، على أن نجاح أصحاب الهمم يبدأ من البيت، وأنه يحتاج إلى إرادة استثنائية، لاسيما من الأم شديدة الالتصاق بوليدها، ومن هنا فإن ما يسطره الأبطال من بطولات، النصيب الأكبر منه للأم.. قرينة السماء والماء.. ومعنى الحياة.
لدينا في وطننا العربي نحو 15 مليوناً من ذوي الاحتياجات الخاصة، وفي الإمارات وحدها قرابة 21 ألفاً.. خلف كل هؤلاء هناك أبطال آخرون، يستحقون أكثر من أن نشيد.. يستحقون العيد.
وأنا أقرأ عن تحديات الأبطال، استوقفني اسم ريبيكا أندروز من مؤسسة الداون ستدروم العالمية بلندن.. كان عمرها 16 عاماً عندما تسلمت جائزة إرشاد الفتيات، وهو أعلى تقدير يمكن أن تتلقاه مرشدة.. تفعل كل ما تفعله الفتيات وتركب الخيل.. المدهش أنها لم تكن فقط ابنة «داون».. كانت أيضاً ضريرة ومريضة بالسكر.. صدقوني نحن ذوي الاحتياجات لم نصل بعد لأهل الهمم.

كلمة أخيرة:
أن تحيا.. لا علاقة لذلك بما تعاني.