دورة الألعاب العالمية، لأصحاب الهمم.. ليست هنا فقط.. ليست وحدها تلك المسابقات الدائرة في الملاعب وفي الصالات ولا النتائج والميداليات.. هناك جوانب أخرى، أكثر اتساعاً وأكثر إشراقاً.. نحن لا نستضيف فقط 7 آلاف و500 رياضي تقريباً، وإنما معهم نستضيف العالم، الآباء والأمهات، وحتى من لم يأت، هو معنا.. مع هؤلاء بالذات هناك خصوصية، تجعل للكلمة أثراً وللابتسامة معنى وللأحضان دلالات، وللفرحة إشراقاً يشبه شروق الشمس.
كيري ثومبسون، رياضية أميركية تشارك في مسابقة رمي الكرة الحديدية، عمرها 20 عاماً، قالت إن جميع أفراد أسرتها جاؤوا إلى الإمارات ليكونوا معها.. ليست كيرى وحدها من رافقها أهلها.. هناك كثيرون وكثيرات غيرها، تضج بهم الشوارع ومدرجات الصالات.. هؤلاء بالذات أكثر انتباهاً لما يحدث.. يرون بأكثر من عينين.. بأعين أولادهم وبأعينهم.. يدركون قطعاً أن ما يحدث في الإمارات استثنائي، ليس على صعيد الإعداد ولا الترتيب ولا حفل الافتتاح، لكنهم كمن يقول «وجدتها».. تتراءى لهم المدينة الفاضلة، لكنها أبهى من تلك التي حلم بها أفلاطون.. مدينتنا لا يحكمها الفلاسفة، لكنْ في أرجائها الحكماء المحبون الخيرون، من يحملون شعبهم في الصدور وفي الدماء.. لدينا الأروع.. لدينا من يجسدون الوفاء.
لا يختلف اثنان على أن الإمارات تمثل حالة شديدة الخصوصية في هذا الكون الذي ينوء بمشاكله، وتجسد التسامح واقعاً قبل أن ترفعه شعاراً، وأولئك القادمون خلف أبنائهم من كل أرجاء العالم يدركون الآن هذه الحقيقة، كما يدركون طبيعة وعمق ما تقدمه الإمارات وقادتها لأصحاب الهمم على وجه الخصوص، وهو عطاء يتمنى الجميع لو كان نهجاً عالمياً.. حينها ستتغير أشياء كثيرة.. سيصبح العالم أجمل لو كان مثل الإمارات.
لن أتحدث عن المكاسب الاقتصادية والرواج والسياحة، فكل هذه الأمور حتى وإن حضرت لم تكن ضمن أولويات أبوظبي وهي تستعد لهذا الحدث، لكنها أمور أيضاً لا يمكن إغفالها، ولكن تعنيني أكثر تلك الصورة الذهنية التي تتشكل عن بلدنا يوماً بعد يوم، والتي يصبح لها أثرها الذي يفوق السياسة ربما ويتكامل مع الدبلوماسية، فلا يمكن الفصل بين ما نحياه وبين ما حققناه، وبين ما نتطلع إليه من حضور نستحقه ويستحقنا.
وأمس، رفع أبطال الإمارات من أصحاب الهمم رصيدهم من الميداليات إلى 148 ميدالية، في تسارع مبهر لعطاء هؤلاء الأبطال الذين يبدو أن معنوياتهم مرتفعة، تعكس ذلك تصريحات الكثيرين منهم، الذين لا يرضيهم مركز متقدم وإنما منصات التتويج، لكن الإنجاز الأهم، يبقى في الصورة الإماراتية التي تزداد بهاء يوماً بعد يوم، وتأكيد القادمين إلينا من شتى بقاع الأرض.. أننا وطن لا يشبهه وطن.
كلمة أخيرة:
الخير أعظم إنجازات الإنسانية..