أن تغار، فأنت في الطريق السليم للوصول إلى النهر، وأن تحسد، فأنت تغوص في الوحل فلا تصل ولا تتواصل، ولا تنفصل عن بؤسك.
الذين يغارون، يملكون حدقة النظر إلى الشمس، فيرون الحياة بوضوح، والذين يحسدون هم عميان لا يَرَوْن غير العتمة، فينكفئون في العزلة، وتموت أشجارهم قبل أن تتورد أغصانها.
الذين يغارون لديهم شعلات التحري والدقة في تحديد الأهداف، والذين يحسدون ليس في جعبتهم غير سعفات محترقة لا يصل نورها إلى أبعد من أخمص القدم.
الذين يغارون هم في بداية حشد عناصر القوة، وما أن تكتمل حزمة الطاقة، تتجلى لديهم قوة الإرادة، فيخترقون حاجز المواقف الصعبة، والذين يحسدون، هم مقيدون بأغلال العجز، مصفدون بسلاسل الانكسار المريع، هم مثل شرنقة لم تصل إلى نضجها، لعدم توافر عناصر وعيها بالحياة.
الذين يغارون، هم يعيشون بأخلاق الوردة، تزدهي بجمالها الداخلي، وتنمو بهدوء برغم الرياح التي تحيط بوريقاتها.
والذين يحسدون هم طفيليات تنمو تحت إبط الإجساد الملوثة، لا وعي لها إلا بالروائح النتنة، ولا مشاعر لها إلا بما يحيط بها من تراكم النفايات.
الذين يغارون هم مثل زغب فراخ العصافير لديها الوعي بالطيران، ولديها إرادة التحليق، بل هي مشروع ناجح للقفز على خيوط الهواء ببراعة ومهارة الكبار، والذين يحسدون هم متقاعسون، وينظرون إلى الحياة، على أنها جبال من رماد، لا يمكن تسلقها ولا يمكن الوصول إلى قممها.
الذين يغارون هم صناع أمجاد، وهم عيون تلمع ببريق الآمال العريضة، والذين يحسدون، هم قاطعو طريق، لا يريدون الوصول إلا بوسائل النهب والسلب، والتسلق على أكتاف الآخرين، هم ضباع لا تأكل إلا البقايا والجيف.
الذين يغارون، هم أصحاب أحلام تزدهر بالبهاء، والذين يحسدون هم أصحاب أوهام وخرافة صناعة المجد على حساب الآخرين.
الذين يغارون هم أرباب شيمة ونخوة النبلاء، الذين لا يذبل لهم جفن، ولا تسبت عيون، إلا بعد تحقيق الأهداف السامية، والذين يحسدون، هم قوائم منحنية، تحمل على رؤوسها سقوفاً قديمة ومهترئة.
الذين يغارون، تقع على عاتقهم مسؤولية إنجاز المشاريع الكبرى، والذين يحسدون، خرسانة من رمل، لا تقوى على حمل أمنيات المباني العظيمة.
الذين يغارون هم بارقة أمل، والذين يحسدون هم من يحرقون أنفسهم والنعم.