الأربعاء 8 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

"العُزلة العربية".. نظرة خجل!

"العُزلة العربية".. نظرة خجل!
15 مارس 2019 00:02

أسامة أحمد، محمد حامد، رضا سليم (دبي)

«اكسر الحواجز، افتح الأبواب، المجتمع للجميع»، أصحاب الهمم ابتسامة بريئة ونظرة أمل، اختلفت النظرات بين الواقع والطموح، بين الرفض والقبول، شئنا أم أبينا، هم جزء من حياتنا، من كياننا، من مجتمعنا.
قوانين واستراتيجيات ومبادرات تمهد الطريق لدمجهم داخل المجتمع، سواء المحلي أو الدولي، من أجل أن يكونوا معنا، لأنهم يعانون من التمييز والتهميش والعزلة.
هنا وهناك في كل أرجاء العالم يعيش «ذوي الاحتياجات الخاصة»، يرفعون شعار التحدي، يبحثون عن «بصيص الأمل» الذي يقودهم إلى مجتمع لا يعرف العزلة ولا التهميش، ينتظرون من يمد لهم يد العون ويرمي لهم طوق النجاة للعبور إلى الحياة، إنهم أصحاب الهمم.. أبطال المستحيل.

في بيوتنا العربية.. تتحول النظرة إلى أصحاب الهمم إلى «نظرة خجل»، وهي «النظرة القاتلة» التي تصيب ذوي الاحتياجات الخاصة، لم تعد نظرة شفقة ورحمة في مجتمعاتنا العربية، بقدر ما أصبح وجود المعاق في البيت أشبه بـ «كابوس»، خوفاً من خروجه المفاجئ أمام الضيوف، أو إلى الشارع للعب مع الأطفال، بل يصل الأمر إلى الخجل في الإعلان عن وجود طفل معاق، وتلجأ أسر كثيرة في أغلب البلدان العربية إلى أسلوب العزلة لـ «أصحاب الهمم» للدرجة التي لا تمحنه حق الحياة الطبيعية والاندماج مع المجتمع.
ويمتد الأمر إلى المزاعم غير القائمة على أساس الاعتقاد، بأن المعاق نذير شؤم داخل هذه الأسرة، وجالب للحظ السيئ، مزاعم، واعتقادات، وأوهام، جميعها تدل على انعدام الوعي داخل بعض البيوت التي تضم تحت جدرانها معاقاً، وتتحول الرحمة والشفقة في قلوب الآباء والأمهات، إلى الخجل والإحساس بأن الابن المعاق بمثابة «وصمة عار» يجب التعتيم عليها، وتجنب ذكرها بأي حال من الأحوال.
يعد تكبيل الأبناء من ذوي الاحتياجات الخاصة، واستخدام التعذيب ضدهم، من الممارسات الرائجة في العالم العربي، وتزداد هذه الممارسات في المجتمعات الأكثر أمية وفقراً، إذ تعتقد بعض الأسر أن هذا هو الحل الأفضل للتعامل مع أبنائهم، في حين يبرر آخرون تصرفاتهم غير الإنسانية، بعدم قدرتهم على توفير الرعاية وشعورهم بالفشل.
ثقافة المجتمع العربي فيها الكثير من القصور في هذا الاتجاه، والنظرة السلبية تظلم أصحاب الهمم بشكل كبير، وهو عكس ما يحدث في المجتمعات الأوروبية والأميركية، حيث معاملة أصحاب الهمم تفوق التوقعات، ويخصص لهم العديد من الوسائل التي تساعدهم على الحياة، والخروج من المنزل والاندماج مع المجتمع.
الصورة العربية ليست «قاتمة السواد»، وهناك «بصيص من نور» في عدد من البلدان العربية، في الاهتمام بالمعاق، ورغم أن هذا أمل ضعيف، إلا أنه بداية على تقبل المجتمع العربي وجود أصحاب الهمم بينهم، ويساعدوهم على الخروج من عزلتهم، من خلال مشاركتهم في الأنشطة الرياضية، وحضورهم للفعاليات، والتحدث مع الجمهور بشكل طبيعي، حتى ولو كانت الكلمات قليلة.
«بصيص الأمل» يبدأ من اهتمام الحكومات العربية بهذه الفئة، ولعل ما قاله الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إن الاحتياجات الخاصة تم إهمالهم، ولابد من إعادة الاهتمام بهم، بداية مرحلة جديدة لـ «أصحاب الهمم» بل عودتهم للحياة من جديد، حيث تم إطلاق 2018 عام ذوي الاحتياجات الخاصة، وتم اعتماد قانون ذوي الاحتياجات الخاصة، لعام 2018، والذي يلغي القانون رقم «39» لسنة 1975، بشأن تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة، وتم إقرار قانون ذوي الإعاقة المقدم من الحكومة.
كما قامت السودان بالخطوة نفسها، بإطلاق 2018 عاماً لذوي الاحتياجات الخاصة، وهناك المنظمة العربية للأشخاص ذوي الإعاقة، والتي تسير في اتجاه تغيير النظرة السلبية من خلال المؤتمرات والندوات المستمرة، والرابطة الخليجية للتوحد، وهي هيئة خليجية تربوية أكاديمية مهنية غير ربحية، تعنى بشؤون الأطفال ذوي التوحد في الخليج العربي، ومقرها الكويت، وتضم معها الإمارات والسعودية والبحرين وعُمان.
«بصيص الأمل» تحول إلى شعاع من نور في الإمارات التي تحتضن هذه الفئة، وهناك اهتمامات كبيرة، بها على مستوى القيادة الرشيدة، وتحول الدولة من الاهتمام إلى نشر ثقافة الوعي المجتمعي بأصحاب الهمم، سواء في القوانين أو المبادرات التي لا تتوقف، وأيضاً التواجد المستمر معهم في كل الأحداث، ليس فقط الرياضية بل في كل المجالات.
يؤكد الدكتور ماهر الجديد رئيس الأولمبياد الخاص السعودي السابق، أن أبرز هموم «أصحاب الهمم» في الدول العربية، تتمثل في قلة النشاطات لحركة الأولمبياد الخاص، في ظل محدودية المبادرات، من أجل الاندماج الكامل في المجتمع، حيث ينبغي أن تنطلق المبادرات من المدارس والأسر العربية التي تعاني من غياب ثقافة المجتمع في هذا الإطار، مما يؤدي إلى العزلة.
وأوضح أن هناك قصوراً من الأسر في معظم الدول العربية، والمسؤولية يتحملها أولياء الأمور والإعلام في عدم نشر ثقافة «الأولمبياد الخاص» على جميع الصعد، مؤكداً أن نظرة الخجل في معظم الدول العربية في انخفاض ملحوظ، وهناك تطور كبير في هذا الإطار، بسبب تطور المجتمع نفسه في العمل والأسواق وغيرهما، مقارنة بهذه النظرة الخجولة التي ظلت تسود مجتمعنا العربي قبل 20 عاماً.
وأشار الجديد إلى أن عمليات الدمج في المجتمع، لعبت دوراً كبيراً في تغيير العديد من المفاهيم تجاه «أصحاب الهمم»، وإن كان أطفال التوحد أزمة داخل البيوت في جميع دول العالم، وليس على صعيد منطقتنا العربية فقط، ويجب الاعتراف بأن هناك معاناة في جميع الأسر العربية، والأمر يتطلب الصبر والعمل والـتأهيل.وشدد الجديد على أهمية المساندة الحكومية، من أجل الدمج الكامل في المجتمع، خصوصاً في ظل القوانين والتشريعات التي تسهم في عمليات الدمج في البيوت والمدارس، والعمل على إقامة حملات توعوية عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، ووسائل التواصل الاجتماعي، لتغيير العديد من المفاهيم، واصفاً تجربتي الإمارات والسعودية بأنهما رائدتان في الخليج مع التأكيد على بقية الدول الخليجية تلعب دوراً كبيراً في هذا المنحى، من أجل الاندماج الكامل.

الحكومات والإعلام يتحملون مسؤولية تغيير النظرة السلبية
شدد الدكتور علي الشواهين المدير الوطني للأولمبياد الخاص الأردني، على أن مسؤولية تغيير النظرة السلبية، تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية، تتوزع على العديد من الجهات، بدءاً من الجانب الرسمي في الدولة، الذي يقر حقوقهم في مجالات الحياة كافة، ويصدر القوانين والتشريعات التي تنص على إلزام تمتعهم بتلك الحقوق، وبعد ذلك الأسر التي يقع على عاتقها مسؤولية دعم تنمية قدرات أبنائهم، والثقة في إمكانية نجاحهم وللاحتفاء بهم في النشاطات اليومية، دون الانتقاص من قدراتهم، أو إخفائهم عن الآخرين لأسباب مجتمعية.
وأشار إلى أن وسائل الإعلام، تعتبر العنصر الحاسم، في إظهار الجوانب الإيجابية، في حياة الأشخاص ذوي الإعاقة، ولها تأثير كبير في تغيير قناعات أفراد المجتمع، من خلال تجنب التركيز على الجوانب السلبية، وتعظيم الإنجازات، وتقدير واحترام أصحابها، ومجتمعاتنا بدأت في تغيير النظرة، إذ لم تعد النظرة لهم من منظار الرعاية والجانب الإنساني بل تعداه إلى مجالات الحقوق والفرص المتكافئة والمساواة، وتم إقرار التشريعات الوطنية التي تنص على تمتعهم بالحقوق كافة.
وعن أسباب «شح» عدد البطولات العربية، قال الدكتور الشواهين: من الممكن أن يعود ذلك إلى العقلية التي تبحث عن البطولة، والتفوق في رياضات تحظى بشعبية، سواء محلية أو عالمية، رغم أن بطولات الأشخاص ذوي الإعاقة لا تقل أهمية، بجانب أسباب أخرى، منها عدم قناعة أو معرفة أفراد المجتمع بقدرات الأشخاص ذوي الإعاقة رياضياً.
وأضاف: هناك أبطال نجحوا في كسر أسوار وحواجز العزلة، في مجتمعات عربية متعددة، ولدينا من الأمثلة العديدة على ذلك، وتم الإشادة بإنجازاتهم على أعلى مستوى في الدولة وتكريمهم، وهذا بالطبع اعتراف بحقهم في ممارسة حياتهم، في مجتمعهم والاندماج فيه بكرامة واحترام، هذا الإنجاز يتفاوت بين مجتمع وآخر لأسباب عدة، منها توافر الإمكانيات المادية والكوادر المؤهلة والمرافق الرياضية، ومدى الرعاية التي يحظون بها في مجتمعهم.
وعن أبرز التحديات التي تواجه رياضة ذوي الإعاقة الذهنية، قال الدكتور الشواهين: عدم توافر الإمكانيات المادية، لتغطية أكبر عدد ممكن من اللاعبين، وصعوبة إيجاد مرافق رياضية، تتيح الفرص للاعبين بشكل أكبر في ممارسة رياضاتهم، إضافة إلى تناقص أعداد المتطوعين، وهم جوهر العمل مع الأشخاص ذوي الإعاقة لأسباب اقتصادية، وما يتطلبه تطوعهم من نفقات قد لا يستطيعون تلبيتها.

زيادة: «المعتقدات الأسرية» أزمة في «العقول»
كشف طه زيادة المدرب الأردني الذي يملك خبرة كبيرة في التعامل مع أصحاب الهمم، تمتد على مدار 35 عاماً، عن أن النظرة السلبية إلى ذوي الإعاقة بشكل عام، لا يمكن تغييرها بين «ليلة وضحاها»، فهي تحتاج إلى عقود من العمل الدؤوب والإرادة الحديدية التي تسعى لانتزاع حقوق هذه الفئة، بدءاً من نظام التعليم السائد في البلدان العربية، ومروراً بالعمل على تغيير نظرة الطفل، إلى زميله الآخر الذي يعاني من الإعاقة، وانتهاءً بالأنظمة والقوانين التي يفترض أن تمنح ذوي الإعاقة كامل الحقوق المنصوص عليها في الأعرف الأممية دون أي نقصان.
وأشار إلى أن بعض الدول العربية كانت وما تزال تسعى لتحسين النظرة السائدة إلى ذوي الإعاقة، وهي نجحت في قطع مسافة لا بأس بها على هذا الصعيد، لكن البعض الآخر ما زال بحاجة إلى عقود طويلة لعمل عقد اجتماعي خاص، للتعامل مع هذه الفئة التي تملك الكثير لتقدمه إلى مجتمعاتها.
وعن الصعوبات التي تواجه المدربين في التعامل مع «أصحاب الهمم»، أكد زيادة أنها تتجسد بالدرجة الأولى في الأسر التي كانت وما تزال تنظر إلى أبنائها من ذوي الإعاقة، بأن وجودهم عبء عليهم، حتى أن بعض الأسر تقوم بحجب أبنائهم «أصحاب الهمم» عن عيون المجتمع، كأن تجعلهم «حبيسي» غرف خاصة، لا تتاح لهم فرصة رؤية الشمس وحتى الشارع، أو أقرانهم من الأطفال، وحتى إن كانوا من ذوي الإعاقة، إذ يستمر هؤلاء في المعتقلات الأسرية إلى أن يحين الأجل، بسبب سوء الرعاية والاهتمام. وأضاف: هناك صعوبات يواجهها مدربو «أصحاب الهمم» مع العائلات الكبيرة، والأهالي بشكل عام لا يملكون الثقافة في التعامل مع أبنائهم ذوي الإعاقة، إلى جانب عدم إيمانهم بقدرتهم على التكيف والاندماج مع المجتمع، وهو الأمر الذي يضع المدرب في معاناة دائمة مع أرباب الأسر والعائلات، تفوق المعاناة التي يواجهها مع «أصحاب الهمم» أنفسهم.

درصاف الشريف: ضعف البنية التحتية العائق الأكبر
أكدت درصاف الشريف رئيسة الوفد التونسي في الأولمبياد الخاص ومديرة الاتحاد التونسي للأولمبياد الخاص، أن مشاكل الاتحاد وهموم أبطال الأولمبياد الخاص في تونس هي تقريباً نفسها مشاكل الرياضة والرياضيين عموماً في البلاد العربية، وتتمثل في ضعف البنية التحتية وهشاشة التجهيزات الرياضية، مشيرة إلى أن «أصحاب الهمم» الذين يعيشون بعيداً عن العاصمة التونسية، يواجهون صعوبات جمة في التنقل للملاعب المهيأة لاحتضان تدريباتهم اليومية، لأن الجهات الداخلية تفتقر للتجهيزات الملائمة لمواظبة الأبطال على تدريباتهم.
وأضافت أن الصعوبات لم تثن أبطالاً عن تحقيق نتائج كبيرة وأرقام عالمية، ويعتبر «أصحاب الهمم» في تونس ممارسة الرياضة، إثباتاً للذات وللوجود، بل أمضي في القول إنهم يعتبرون المنافسة مسألة «حياة أو موت»، ومنذ عودتنا من دورة الألعاب الإقليمية في مارس 2018 التي نظمتها الإمارات، وعيون أبطالنا على الألعاب العالمية «أبوظبي 2019»، ولا تمضي ليلة واحدة، دون أن يحلموا بالمشاركة في الأولمبياد، وندرك جيداً ما تعنيه المشاركة بالنسبة إليهم، وهم الذين رفضوا أن يتمتعوا بالإجازة الصيفية، وأصروا على المواظبة على التدريبات، حتى يكونوا في أوج الجاهزية للبطولة الكبيرة.
وأشارت المديرة الوطنية للاتحاد التونسي إلى عقلية أولياء أصحاب الهمم وأفراد أسرهم التي تحتاج إلى تأهيل شامل، خاصة في الجهات البعيدة في أعماق تونس. وقالت: هؤلاء أطفال من نوع خاص يتمتعون بفيض من الحنان ورهافة الحس، ويكون التعامل مع أولياء أمورهم صعباً، مما جعل الاتحاد يخصص مرشدين وأخصائيين اجتماعيين يتحولون إلى أسر الأبطال ويحيطون بهم، حتى يتم توفير أفضل الظروف ليتألقوا في المجال الرياضي، وهناك أسر أبطال تونس للأولمبياد الخاص الذين يدعمون أبناءهم ويرافقونهم رغم ظروف بعضهم الصعبة مادياً، ومنهم من اقترض من البنوك، حتى يتمكن من مساندة ابنه أو ابنته في المشاركات الدولية والبطولات العالمية.

ياسر موسى: تجربة الإمارات تستحق التعميم
يرى الدكتور ياسر محمد موسى، المدير الوطني للأولمبياد الخاص السوداني، أن «العزلة العربية» بمثابة «كابوس» يطارد «أصحاب الهمم»، حيث يمثل هذا التوصيف الواقع الحالي الموجود على مستوى الوطن العربي، إلى جانب المفهوم السائد حول ذوي الإعاقة، والاعتقاد بضعف قدراتهم، والذي يؤدي بدوره إلى عزلهم عن المجتمع، الأمر الذي يؤدي إلى الاعتقاد بعدم قدرتهم على المساهمة الإيجابية في المجتمع.
وأشار الدكتور ياسر موسى إلى أن التطور الذي حدث على مستوى الوطن العربي، والدعم الكبير واللافت من القادة والمسؤولين، قاد إلى تعظيم درجة الاهتمام بـ«أصحاب الهمم»، ما أدى إلى درجة كبيرة من التجاوب بعد مرحلة عزلهم، موضحاً أن هناك نظرة موجودة إلى درجة معينة، وهي مرتبطة ببعض المفاهيم الموجودة عن «أصحاب الهمم»، ما يدفع بعض أولياء الأمور إلى محاولة إخفاء «أصحاب الهمم» على مستوى الأسرة من الأبناء والبنات.
وشدد الدكتور ياسر موسى على ضرورة تغيير النظرة لـ«أصحاب الهمم»، بأنهم «عالة» على المجتمع، بالتأثير المحدود في الإضافة التي يمكن أن تقدم من جانبهم، وذلك بالنظر إلى الإنجازات الكبيرة والمشرفة، والتي تحققت على مستوى الوطن العربي، انطلاقاً من الأندية والاتحادات المختلفة.
وأوضح أن الإمارات قدمت صورة مشرفة من الاهتمام والرعاية والثقة لـ«أصحاب الهمم»، وتوفير كل الإمكانات التي تمنحهم فرصة الاندماج في المجتمع، والمساهمة في تطوره ورفعته وعزته، ما أدى إلى تجربة جديرة بالاهتمام والاحترام يجب أن تحتذى، لأنها قائمة على رؤية عميقة لكل ما يمكن أن يمثل التطور الإيجابي لفئات «أصحاب الهمم».
ودعا الدكتور ياسر موسى إلى ضرورة توفير الأنشطة والبرامج المستمرة على مستوى الأندية والمراكز المنتشرة على مستوى الوطن العربي، وتعزيز الثقة من قبل أولياء الأمور في القدرات الإبداعية والإيجابية على مستوى الأبناء والبنات من هذه الفئات، ويجب رفع مستوى الكفاءة والعدد على مستوى المؤسسات الخاصة بهذه الفئات على مستوى الدول والمدن والأحياء وتوفير الوسائل الكفيلة بتطوير المواهب، والعمل على تأهيلهم ومنحهم فرصة الالتحاق بالدورات والبرامج التي تؤهلهم لخوض التحدي الذي ينتظرهم في جميع المجالات الحياتية، إلى جانب العمل مع أولياء الأمور لتدريبهم على كيفية التعامل مع الحالات الموجودة لعكس الصورة السلبية وتغيير النظرة، لأن الأسرة تمثل جانباً مهماً بالنسبة لـ «أصحاب الهمم»، ويمكن أن تمثل الخطوة الأولى في مشوار النجاح.

40 مليوناًً
تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية، إلى أن عدد أصحاب الهمم في الوطن العربي بلغ حوالي 40 مليوناً، في السنوات الأخيرة، أكثر من نصفهم من الأطفال والمراهقين، ووفقاً لتقديرات منظمة «اليونسكو» فإن 90% من الأطفال أصحاب الهمم في الدول النامية غير ملتحقين بالمدارس، وتصل نسبة الإصابة في بعض البلدان لمعدلات قياسية أعلى من المعدلات العالمية.
وعلى الرغم من وجود المواثيق والاتفاقيات الدولية والعربية المعنية بحقوق الأطفال أصحاب الهمم، ووجود بعض المبادرات في المجتمعات العربية لرعايتهم، فإن أغلب المعالجات تقتصر على إدماج الطفل في التعليم، دون أن تضمن له الحقوق التي كفلتها له تلك المواثيق والاتفاقيات التي نصت على وجوب تمتعه بحياة كاملة وكريمة، تعزز من اعتماده على النفس، وتيسر له مشاركته الفاعلة في المجتمع، وتحقق له النمو الثقافي والروحي.

هانئ محمود: الوعي تضاعف بحقوق أصحاب الإعاقة الفكرية
قال المهندس هانئ محمود رئيس الأولمبياد الخاص المصري، إن الوعي لدى الشعب المصري ارتفع بصورة كبيرة بحقوق أصحاب الإعاقات الذهنية، بعد تخصيص عام 2018 لذوي الاحتياجات الخاصة، للتعريف بحقوق هذه الفئة من المجتمع، وإقامة العديد من الفعاليات والندوات والمؤتمرات للحديث عن حقوقهم، بجانب مساهمة الإعلام في التعريف بقضايا هذه الفئة، وهو ما ساعد كثيراً في تغيير نظرة مئات الآلاف في مصر، للشاب أو الطفل الذي يعاني من إعاقة، وبات مقبولاً في المجتمع بصورة أكبر عن وقت سابق. وكشف رئيس الأولمبياد الخاص المصري، عن أن أبرز المشكلات التي تواجه ذوي الإعاقة الذهنية، أن أسرهم تفضل فصلهم تماماً عن المجتمع، لأن هناك من يشعر أحياناً بالحرج من مرض ابنه أو ابنته، وأنه غير طبيعي مثل بقية الأطفال، كما أن بعض الأسر تفضل إبعاد الأبناء تماماً، حتى لا يتعرضون للأذى سواء نفسياً أو بدنياً ممن لا يجيدون التعامل معهم، وهي المشكلة الأكبر التي تواجه الأولمبياد الخاص.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©