انظر إلى طفلك، عندما تجده يستحوذ على كل شيء، ويصارع من أجل امتلاك ما له وما لغيره، فتأكد أنه مشروع إنسان كبير، منافق، ومداهن، وأناني، ولا انتماء له لأي شيء.
تأكد أن مثل هذا المخلوق الصغير، هو إنسان لا يحب إلا نفسه، إنه بذرة فاسدة، لن ينتج عنها شجرة معطاءة، ولا نبت طيب.
مثل هذا المخلوق سوف ينشأ كتلة من جحيم، تحرق كل من حولها، وتكوي الآخر بنيران الطمع، والجشع والشبق المدمر.
حب الذات آفة البشرية، وجرثومتها المهلكة، وهو القدرة الفائقة على الوصولية والانتهازية، ومحق الآخر.
حب الذات يأتي من منطقة أنانية بحتة وفجة، وقميئة، تجلب على الأناني، كما تصب على الآخر رزايا تأكل الأخضر واليابس، ولا تبقي ولا تذر، لأن الشخص الأناني هو قلب من حجر، وعقل من كدر، وروح تواقة إلى النمو على حساب الآخر، ولا يرى الشخص الأناني في العالم سوى نفسه، ولا يسمع إلا صوته، ولا يشعر إلا بألمه الذي لا نهاية له، طالما هو ينزع إلى الوقوف في مركز الدائرة، ومهما امتلك هذا الشخص من مقومات ضعيفة إلا أنه يحس أنه الأفضل، والأجدر من الآخرين، الأمر الذي يجعله دائم التذمر والإدانة، وكره من سواه، لأنه وصل إلى يقين أنه المثال والنموذج الذي يجب أن يحتذى به، وأن يقتدى بسلوكه، وأن يخضع لتطلعاته، ولا يرد له طلب، ولا يعصى له أمر، ولا يخالفه أحد.
محب الذات، لم يزل في مرحلة طفولية باكرة، بمعنى أنه يريد أن يأخذ ولا يعطي، وأن يعيش حالة الأخذ بلا نهاية، وأن يمر من كل الطرق من دون عقبات، وأن يدلف في الزوايا، والأزقة من دون أن يعرقل طريقه جدار، وأن يعبر من دون موجة تخفق عند صدر مركبه، وأن يصعد من دون عقبة تقف في مسلكه، وأن يمشي ولا أحد يوقفه، وأن يحرك عجلات دراجته، ولا أحد يعيقه.
محب الذات شخص لا منتمٍ إلا لنفسه، ولا منحاز إلا لذاته، ولا ملتفت إلا لظله، ولا يرى سوى صورته في المرأة، هو نرجسي إلى حد الثمالة، هو متقوقع إلى درجة الاحتباس، هو هكذا مخلوق من مشاعر أشبه بنشارة الخشب، أو من بقايا قطع غيار تاِلفة.
محب الذات يحسّن التمثيل، ولعب الأدوار المزدوجة، واقتباس أكثر من شخصية في آن واحد.
محب الذات يملك قدرة استثنائية على التحول من حالة حزينة، إلى أخرى مرحة حسب الظرف والحاجة، وحسب متطلبات الدور الذي يريد لعبه.
محب الذات شخصية أخطبوطية، بارعة في التلون، والتشكل والقفز على حبال المراحل من أن يرف له جفن، أو يرتجف له طرف.