أن تقع في خديعة شخص ما، أفضل من أن تعيش حالة الارتياب، في الخديعة درس وعبرة وإفادة من الوقوع في خديعة أخرى. فلو تخيلنا أن رجلاً ذهب إلى السوق مشياً، وفي الطريق بوغت بحفرة عميقة وقع فيها وأصيب على إثرها بكسر في ساقه. صحيح أن الحفرة آلمت الرجل وتسببت له بكسر، ولكن هذه الحفرة أعطته درساً في الحياة، بأن يتفادى السير من دون انتباه، وأن يغير مسلكه إلى آخر أكثر أماناً. بينما الشخص المرتاب من الوقوع في الحفر، يظل خائفاً ومرتجفاً، وقد يحبس نفسه في منزله دون أن يغادره إلى الأبد.
الارتياب مرض نفسي يعيقك ولا يدعك تصل، الارتياب يعرقل خطواتك إلى الأمام، وقد يقعدك مدى الحياة، ولا تصل أبداً.
الوقوع في الخديعة مثل المسافة ما بين بلد وآخر، في حالة الارتياب قد لا تقطعها أبداً لأنك تخشى وقوع الطائرة، بينما في الخديعة أنت لا تخاف، ولكنك تتوجس من الأشياء المخيفة، فتغير الوسيلة، فإذا كنت تهاب ركوب الطائرة، فبإمكانك عبور المسافة من خلال القطار أو السفينة، أو أي وسيلة أخرى تجد فيها الأمان وإمكانية الوصول لكن دون عناء.
لدى بعض الأشخاص ريبة من الزواج، وقد يكون السبب لتجربة فاشلة أو لمرض نفسي، يعود إلى تعلق الفرد بأحد الوالدين، فمثل هؤلاء الأشخاص لن يستطيعوا عقد علاقة زوجية مع طرف آخر، طالما بقي سبب المرض كامناً في النفس، وسيبقى الارتياب هو الحليف السلبي المرافق لهم مدى العمر، في حين أن الأشخاص الذين وقعوا ضحية خديعة زوجية، يبقى التوجس، ومعه يبقى التطلع إلى تجربة جديدة، بعد التحري والدقة في الاختيار.
الارتياب مرض نفسي، يصاحب الأفراد مدى الحياة، إذا لم يتم اكتشاف سبب الداء، وغالباً ما يكون الارتياب نتيجة مباشرة لوهم ارتكبه الواقع بحق الشخص المرتاب. ولكن الخديعة هي نتيجة واقعية لحدث جلل أصاب الفرد في مرحلة من مراحل حياته، ويكون الفرد في كامل وعيه لسبب المشكلة، لذا فهو يملك أدوات الإطاحة بالسبب، ويستطيع التخلص منه، بل إن السبب يحمل في ثناياه عناصر النجاح، والتحرر من أسباب الفشل السابق، يكون الشخص في مأمن من الوقوع في نفس الخطأ، أو التجربة المرة التي مر بها في الخديعة ذنب، وفي داخل الذنب ثواب للشخص المصاب بالذنب، ما يؤدي إلى خلاصه، وكما يقول المسيح عليه السلام: «إن لم تولدوا من جديد، لن تدخلوا الجنة» أي جنة الحياة السعيدة، جنة الحلم الجميل.