من جذع شجرة قطرها 83.6 ألف كلم هي مساحة إماراتنا الحبيبة، انبجست مشاعر الحب والوفاء والامتنان لقيادتنا الرشيدة لاختيار شجرة الغاف شعاراً لعام التسامح من معان رائعة راقية رقي وطن المحبة والتسامح، والدلالات العميقة التي يحملها الاختيار لشجرة أضحت رمزاً لوطن.
في الاختيار وفاء وفخر واعتزاز، وفاء لشجرة طالما كانت حضناً وملتقى للأجداد والآباء في تلك الأيام والأوقات العصيبة، يستظلون بظلالها من الهجير، ويتشاورون ويتسامرون، يستمدون من صبرها صبراً ومن قوّتها قوة وبأساً في مواجهة الشدائد ومصاعب ذلك الزمن الصعيب.
فخر واعتزاز باختيار يعبر عن موروث ثري غني غنى الأرض الطيبة، ويؤكد أن الإمارات وهي تحلق عالياً باتجاه الجوزاء وبطموح لا يعرف حدوداً أو مسافات، تصون كل رمز ومكون على صلة بتراثنا وتاريخنا المجيد، إنه الارتباط الوثيق بكل مكونات الهوية الوطنية. حرص على تعريف الأجيال التي تصنع اليوم خيوط المستقبل الوضاء الذي يعبر بنا للفضاء بأن الغاف كان ذات يوم منبر الرجال الذين مهدوا لكم الأرض الصلبة التي تنطلقون منها لصناعة الحاضر الزاهر والمستقبل الواعد.
اختيار لا يدرك أبعاده إلا رجال حملوا على عاتقهم هاجس الاعتناء بإنسان الإمارات، وصياغة ارتباطه بالأرض والوطن وبنوا العروة الوثقى التي لا انفصام ولا فطام عنها. رجال مضوا على نهج أب ومؤسس رحيم كان يحرص على الاعتناء بالغاف وغيرها من الأشجار الضاربة جذورها في أعماق هذا الوطن، لأنه كان يدرك ما تمثل لإنسان هذه الأرض. ولئن كان الزمن قد تغير وقلل من دورها في حياتنا اليومية، فإنها تشمخ لتبزع من بين ثنايا الذاكرة بأنها لا زالت على العهد باقية رمزاً لكل جميل عندنا، وأجمل ما فيه، الغرس الطيب المستمد منها في التآلف والتسامح والتعاضد الذي نسج خيوطه ووضع لبناته الأولى على أعتاب جذوعها الصلبة المتينة، صلابة ومتانة البيت المتوحد الذي يجمعنا. التسامح الذي تحول إلى أسلوب حياة ومنهاج صنعت به ومعه الإمارات واحة من أمن وأمان وعيش كريم ورخاء وازدهار يتفيأ تحت ظلالها ملايين البشر من أبنائها ومعهم رعايا أكثر من مئتي جنسية، تحتضنهم بكل حب ووفاء بذات الدفء والترحاب الذي كانت تمد به شجرة الغاف كل من التمسه منها. إنها دروس الفخر والعبر من بلاد الغاف والسمر.. «بلاد زايد الخير».