من قال إن الفوز الأردني على أستراليا مفاجأة.. هو الفوز الثالث في خمس مواجهات جمعت الفريقين، مقابل خسارتين من «الكنجارو».. نحن من يصنع المفاجآت ويضخمها ويصدقها.. لا شيء في العالم مفاجأة سوى ما تصدق أنت.. الفوز الأردني كان درساً للجميع، ولولا أن «النشامى» لعبوا دونما خوف، ولولا أنهم من صدّر الخوف لـ «الأستراليين»، ما تحقق هذا الانتصار.
لعب المنتخب الأردني الشقيق، كما يجب أن يلعب كل من يريد الانتصار.. كل من يعتقد ويؤمن في قرارة نفسه أنه قوي.. لعب «النشامى» بشكلين مختلفين، هجوماً ودفاعاً، وعلى الصعيد الدفاعي بالذات، تمكن المنتخب الأردني من إرهاق أستراليا التي لم تتمكن من اللعب كما تريد، وتسلل إليها الخوف والرهبة، وشعرت بالعجز، رغم محاولاتها الكثيرة لمعادلة النتيجة، وكان لانضباط الفريق الأردني وقدرته على التوقع ولياقة لاعبيه، وتقليل محاولات التمرير لدى أستراليا، الأثر الكبير في الفوز الذي أهدى الأردن أول ثلاث نقاط، ولم يكن أنس بني ياسين صاحب الهدف، وحده رجل المباراة، فقد كان كل اللاعبين رجالاً، خاصة عامر شفيع حارس المرمى الشجاع، والدينامو خليل بن عطية.
الفوز الأردني على أستراليا حامل اللقب و«بعبع» القارة، مهم في هذا التوقيت.. في البداية، لعل الرسالة تصل إلى الجميع، بأنه لا أحد أكبر من الكرة.. لا يوجد مستحيل إلا الذي تصدق أنه مستحيل.. هو درس لـ «الأبيض» بأن كل الخيارات مفتوحة، وأن حظوظك أنت من يصنعها، وهو تأكيد على أن البطولة قابلة لكل الاحتمالات، وأنها مهيأة لبطل جديد.
وبالنسبة لمنتخبنا، لا يجب أن نركن إلى فكرة أننا والمنتخب البحريني الشقيق الأقوى في المجموعة الأولى والأقرب للتأهل، فقد قالت الهند كلمتها بأربعة أهداف مقابل هدف أمام الفريق التايلاندي، وهي نتيجة ليست عبثية، والواضح أن المنتخب الهندي لن يكون صيداً سهلاً، وأنه تطور كثيراً عن الصورة الذهنية التي نرسمها له، وأن مستواه تغير بعض الشيء عن مباراته أمام عُمان، والتي خسرها بالثلاثة في مجمع السلطان قابوس بالتصفيات الآسيوية، وصدارته للمجموعة تغريه بالمزيد، لأن فوزاً واحداً إضافياً يكفل له خطوة أكثر اتساعاً.
ستيفين كونستانتين مدرب المنتخب الهندي، تمكن من رد اعتباره أمام الصربي ميلوفان راييفاتش مدرب المنتخب التايلاندي «المقال»، وأخذ ثأره الذي تأخر قرابة عشر سنوات، يوم كانا يدربان غانا والسودان، لكن لدى كونستانتين أحلاماً تتجاوز حدود الدور الأول في كأس الأمم الآسيوية.. هو يدرك أنها صعبة، لكنه يؤمن - في المقابل- أنها ليست مستحيلة، رغم تاريخ الهند المتواضع جداً في آسيا، ومن هنا على منتخبنا أن يتحلى بالكثير من الحيطة والحذر، وأن يدرك أنه لم يعد يمتلك رفاهية التعادل أو الخسارة - لا قدر الله- مجدداً.

** كلمة أخيرة:
الأبطال يصنعون أنفسهم.. ويصنعهم غيرهم