تلقيت اتصالاً هاتفياً من رقم غريب برومانيا، وأمام إلحاح المتصل رددت على الاتصال لأكتشف أنه من معد برنامج للقسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية التي تبث من لندن، للحديث حول قضية قال قضاؤنا النزيه كلمته فيها. وأصدر أحكامه بحق المدان فيها خلال درجات التقاضي كافة.
رفضت مشاركتهم الحديث، لأن الأمر بالنسبة لنا في الإمارات يمس خطوطاً حمراء وثوابت لا نقبل المساس بها من قبل كائن من كان، وبالذات من منصات تزعم المصداقية والمهنية، وتتعامل مع قضايا منطقتنا بمعايير مزدوجة. وهناك خط واضح وفاصل بين حرية الرأي، واحترام سيادة الدول ومؤسساتها وأنظمتها.
قبل أيام أقامت «تلك المنصات» ذات الكيل بمكيالين، «والأبواق المأجورة من إيران والممولة من قطر، وهي تنفث حقداً وفتنة» مكلمة في أعقاب حكم محكمة بحرينية بحق مدان تم تجريده من الجنسية، أراد العبث بأمن واستقرار مملكة البحرين الشقيقة، بينما -وفي نفس اليوم تقريباً- تلبسها صمت القبور أمام قرار أستراليا تجريد الإرهابي براكاش من جنسيته، وطلب تسليمه من السلطات التركية لإيداعه السجن، رغم أن القرار في الحالة الأولى صادر من سلطة قضائية، بينما الثاني من جهة تنفيذية ولم يمر بالإجراءات المتبعة في المحاكم. ولكن أمام استقرار وأمن الأوطان لا مجال للتردد. ولا زلنا نتذكر المقولة الشهيرة لرئيس وزراء بريطانيا الأسبق ديفيد كاميرون، وفي بلد «الحريات والديمقراطيات وأعرق البرلمانات» حينما قال «لا تحدثني عن حقوق الإنسان عندما يتعلق الأمر بأمن البلاد ومن فيها».
القضاء عندنا له هيبته وقدسيته ومكانته وسلطته التي يستمدها من قوة القانون في دولة المؤسسات، ولا سلطة عليه غير القانون والضمير، ومن القواعد المهنية لإعلام الإمارات احترام القضاء والأحكام التي تصدر عنه، وعندما تحاول تلك المنصات والأبواق التشكيك فيه أو المساس به فإنما تستهدف استقرار المجتمع وأمن البلاد، وهي من الثوابت الوطنية غير القابلة للمساس أو العبث. هناك قوى إقليمية غير خافية الأطماع تحرك تلك الدمى لتنفيذ أجندات خبيثة تحمل الخراب والدمار وعفن الأحقاد، وتنشر الفتن وتغذي النعرات المذهبية والطائفية المؤدية لمزالق وهاوية الانهيار الكامل للمجتمعات.
بالمقابل، نزهو بمنجزاتنا ومكتسباتنا التي جعلت شعب الإمارات في صدارة أسعد شعوب العالم، منطلقاً من قيم الوفاء وقوة الولاء والانتماء والتلاحم الوطني العصي على الاختراق في وجه أعداء الحياة.