تقدم ولا تتوقف، في التقدم يحدث الكمال، كن مثابراً ولا تطفئ الأنوار في غرفتك، سوف تصل وسوف ترى وسوف تسمع.
عندما تتوصل إلى حقيقة أنك عاجز، ففي هذه اللحظة تكون قد حفرت قبرك بيديك وأنهيت سفر الركاب، وقضيت على طموح الفرسان في الوصول إلى العشب القشيب.
يحدث أن ينتابنا في لحظة من لحظات التعثر شيء من القنوط، وهو القادم من منطقة ما من تاريخ حياتنا، فإن استسلمنا فإننا ننتصر للهزيمة، وندعها تمر عبر شعاب النفس وهضابها وصرنا رهن البؤس ورجس الفقدان، الفقدان المرير.
يجب ألا نتوقف وأن نحصد الثمار حتى من أصغر الأشجار، فإنها لنا وعلينا أن نستمر في الحصاد، كما أن علينا الاستمرار في جني ثمار ما تفصد من عرق في جبيننا.
نحن بحاجة إلى أقدام غير أقدامنا، وإلى أيدٍ غير أيدينا وإلى عقلٍ غير عقلنا وإلى روحٍ غير روحنا كي نستمر، فهذه الأعضاء التي تسكن جسدنا لا تكفي لأن تلبي متطلبات المصير.
نحن بحاجة إلى إرادة الجبال التي تصمد في وجه عوامل التعرية، ونحن بحاجة إلى البحار التي لم تزل تغسل وجوه السواحل منذ الأزل، ولم تكف عن مزاولة المهمة الوجودية، ونحن بحاجة إلى الأشجار كي تمنحنا اخضرارها لنظل في الوجود يانعين يافعين سامقين باسقين شاهقين متألقين، لا يخضنا خضيض، ولا يرضنا رضيض، نظل في الحياة مثل النبتة أمطارنا عزائم لا تلين، وإرادات لا تستكين، نظل هكذا كأحلام الطير، تتدفق صباحاً من أجل حبة الانتشاء، وفي المساء تغسل وجنة الفرح، لتصبح التغاريد أصفى من الندى على وريقات اللوز.
إذن تقدم سيدي ولا تتوقف ليحدث كمالك وتنضج خصالك، وتنمو بين أضلعك سنابل الأمل، وتتفرع في حقلك أهداب الشمس، فتصير أنت الذهب الذي لا يبور، وتصير الفارس الذي لا يخور تصير في العالم القوة الناعمة التي ترسم معالم عالم جديد، لا يكبو بحجر اليأس، ولا يخبو لنذر البؤس، تكون أنت في العالم المصباح المنير، يذهب بلغتك إلى رواية تسدد الخطو نحو ثيمة مباركة، وحوار مع الحياة من دون تلعثم، أو تكتم، تكون أنت في العالم الحب الكبير الذي يمشي على أقدام الشفافية، ويحلق بعفوية، من دون تعثر، أو تبعثر أو تخثر، أو تكسر، أو تكلف، أو تزلف، فأنت عندما تكون في كمالك، تكون قد أكملت مشروع حياتك، تكون قد أنهيت العلاقة القديمة مع إحساسك بالعجز، والتدهور.
قد تعترضك تلة ما أو خفقة ما، وقد تعرقلك الذاكرة لأنها مليئة بدخان العوادم، ولكن كن يقظاً، كن حذراً، فإن خلف التلة يكمن مصيرك ووراء الدخان يسكن وجودك الحقيقي، لذا تطور نسلاً من فارس هياب، وتجاوز العقبة، بإرادتك المبتغاة، ثم انظر إلى التلة، وتأكد أنها أصبحت خلفك، حينها ستكون أنت المنتصر، وأنت الذي اختزلت الزمن، بوثبة الفرسان.