سؤال من بين بعض الأسئلة التي ألحت عليّ وبشدة في هذا الظرف الإنساني العصيب، خاصة أن الوحدة تهجم بأسئلتها، وشيء من الفراغ يجعلك تتأمل بعيداً وعميقاً بدلاً من الركض اليومي متتبعاً عجلة الحياة وإيقاعها المتسارع، هي بعض من الأسئلة المسكوت عنها، تأتينا مثل ريح عابرة، لكننا سرعان ما نشيح بتفكيرنا عنها أو نهرب منها لأي شيء يشغلنا عنها، من تلك الأسئلة المسكوت عنها:
- مَن مِن الوالدين أكثر تضحية وفداء بالنفس قبل المال والحال لأبنائهم، الأم أم الأب؟ وبعيداً عن تعقيدات تفكير بعض الناس، مثل قولهم: إن الظروف الموضوعية تختلف من واحد لآخر، وتباين الثقافات بين الناس، ودور الدين وما يلعبه في دواخلنا، وأين موقعنا في تراتبية مجتمعنا، وأهمية الولد والبنت، إلى ما هنالك من مسوغات تضيع جرأة السؤال، أذهب إلى ما أعتقد شخصياً، أن الأم هي التي يمكن أن تضحي بحياتها دفاعاً عن أبنائها دون تردد، وبعاطفة جياشة، وحماسة منقطعة النظير، أما الأب فسيعمل العقل وسيرشح احتمالين سريعين، في أحدهما الإحجام، وفي الآخر الإقدام، لكنه إن قرر التضحية فسيستميت وبضراوة، ولن يخرج من المعركة دون أن يلحق خسائر بالآخر، ولو قضى نحبه.
- نفس الرجل لو اقتضى الحال التضحية من أجل أخته سيفعل دون تردد، وسيفديها بالغالي والنفيس، وكثير من الأخوات يفعلن الشيء عينه، إلا فيما ندر، لكنه مع الأخ سيعمل جهده، لكن له حساباته الأخرى، وترجيحاته المنفعية، وبحاجة لتفكير قبل التدبير.
- طبعاً سؤال هل يضحي الزوج من أجل الزوجة المصون أو الزوجة تضحي من أجل البعل الكريم؟ أعتقد شخصياً أنه ليس من الأسئلة المسكوت عنها، يا ما سمعنا أن الزوج قُطّع ولف في «أكياس بلاستيك» والفاعل ليس مجهولاً، ويا ما سمعنا كيف الزوج قتل زوجته بطريقة الصورة السينمائية البطيئة «سلو موشن»، بجلب ضرة لها أو سافر من أجل العلاج، وتزوج ممرضة عليها، وبدلاً من أن يريها أوراق تقاريره الطبية، وعجزة الإكلينيكي، جعلها تقرأ ورقة طلاقها، ولكن لو افترضنا جُزافاً أن هناك تضحية متبادلة بين الزوجين في لحظة حاسمة، وعليهما أن يفتدي الآخر بنفسه، ففي هذه المسألة نظر، وبُعد نظر، وسيسبقها لوم وعتب ومناكفة من الجانبين، وستعدد المرأة مثالب زوجها دون ذكر أي حسنة له تذكر طوال حياته، وستتركه لمصيره دون تضحية من جانبها، أما الزوج فإن احتد الموقف، فسيغضب، ويرمي يمين الطلاق، ويجعلها وحيدة في تلك اللحظة الحرجة تقابل الموت مرتين.