سحقها، قضى على سمعتها تماماً، قال لكل الشكوك التي كانت تحاصرها، أنت حقيقة، ولجنتنا هي الكذب، هي التدليس، هي المراوغة، هي اختراع القصص لتبدو القرارات عادلة و«الموس على كل الرؤوس»!
نعم، هذا ما فعله رئيس لجنة الانضباط في اتحاد القدم السعودي «سابقاً» الدكتور أيمن الرفاعي، حين تحدث لبرنامج «الديوانية» على القناة «الرياضية السعودية الأولى» قبل أيام، إذ ذهب باللجان «لجنته الموسم الماضي، واللجنة الحالية، وكل اللجان التي سبقتهما، والتي ستأتي لاحقاً» إلى منصة الإعدام، ولف الحبال حول رقابها، ثم أرسلها كلها مشنوقة إلى موتها الأبدي.
كان يتحدث بثقة عجيبة عن القانون، وعن الإجراءات التي تمر بها قرارات اللجنة قبل أن تصدر، وعن العقوبات التي لا تجامل ولا تنحاز إلا للعدل، ولا تقبل إلا أن تُطبق بإنصاف على الجميع، ثقة تمنح المشاهد شعوراً باليقين أن العدالة هي السيدة السائدة، وأنها لا تخاف من أحد ولا على أحد.
لكن سؤلاً واحداً في الحلقة عن عقوبة سلمان الفرج بالإيقاف 4 مباريات، التي صدرت حين كان الرفاعي رئيساً للجنة، كانت إجابته سبباً في سحق سمعة اللجنة، لأنها أكدت ما يقال عنها من أنها تدار من أشخاص خارجها، وتحقق رغبات بعض النافذين، بغرض الإضرار بفرق لتنتفع فرق أخرى، وحرف مسار البطولات، والمساعدة في توزيع ذهبها حسب الأهواء والتوجيهات.
كانت إجابته، أن العقوبة اتخذت بناء على التقرير الإلحاقي الذي رفعه الحكم، وليس على مشاهدة اللجنة للقطة من الناقل الرسمي.
لم يجادله أحد من ضيوف الحلقة، كانت الإجابة حداً فاصلاً، ووضعت نقطة في نهاية الكلام.
بعد الحلقة بدقائق، كتب المختص في القانون الرياضي أحمد الأمير في «تويتر» تغريدة فضحت الرفاعي، وخلعت ملابس ثقته في نفسه كاملة، وعرضتها عارية أمام الناس، قال الأمير في تغريدته إن رئيس اللجنة السابق يكذب، صحيح أنه لم يكتبها، لكننا قرأناها: «سلمان الفرج مُنح بطاقة صفراء من الحكم، تمت معاقبته لاحقاً من لجنة الانضباط بالإيقاف 4 مباريات، استناداً على اللقطات المرئية من الناقل الرسمي «بحسب بيان العقوبة»، وليس استناداً إلى تقرير إلحاقي من حكم المباراة، ثم نقضت لجنة الاستئناف القرار، ولو كان هناك فعلاً تقرير إلحاقي من الحكم، فإن «الاستئناف» لن تستطيع إبطال قرار «الانضباط».
ربما أراد الرفاعي إنقاذ نفسه من السؤال المحرج على الهواء بالإجابة المُبتكرة، ظناً منه أن ذاكرة الناس صغيرة وقصيرة، وأنه لن يتحمس أحد للتنبيش في أوراق حادثة قديمة، لكن كذبة واحدة أفسدت صدقاً كثيراً «ربما» وشوهت لجاناً، ورسخت فكرة المؤامرة، وأن هناك من تحركهم ألوان أنديتهم، ومن يستقبلون التوجيهات وينفذونها أياً كان الثمن، وأن العدل مجرد كلمة لا معنى لها في محاضر الانضباط.
ليت الدكتور الرفاعي توقف عن الظهور الإعلامي، منذ أن غادر المشهد قبل أشهر، أو ليته قال الحقيقة حين ظهر، خصوصاً أنه لحظة الإجابة كان مُحرراً من كل الأغلال، ولا أحد يقف فوق رأسه بمطرقة..
لقد هدم سمعة اللجنة، وهزم كل المحاولات للثقة بها.