لا أدري إذا كان مجايلونا من عهد الحصرم، يتمنون ما أتمنى لو أن الزمان دار، وبدأنا التعليم على أصوله، يعني حضانة سنتين، روضة سنتين، ولغات معاصرة أجنبية قبل أن ندخل إلى صفوف المدارس الابتدائية التي لم تكن مثل ذاك الزمان، اثنان من زملائك طارت شواربهم الخضراء، وواحد طويل في المقعد الأخير، وواحد يكبركم جسداً هو عرّيف الصف، ومعلم مدخن وجهه من الغضب منتظراً أن تغلط، كانت طفولتنا نبدأ بها في مدارس المطاوعة الذين يغسلون جلدك غسلاً، ما يسلمون إلا العين حسب وصية الأب، حتى تحفظ سورة الكهف، لا تحضير نفسي، ولا تمهيد قبل تعلم القراءة، ولا تعليم ذكي، ولا تعليم عن بُعد، حتى المدرسات ما شفناهن إلا في التعليم الجامعي، وفوق هذا من تدخل المدرسة الابتدائية يحسنونك على الصِفْر «كَجَلّ»، ولا أدري ما دخل العودة إلى المدارس بتلك التحسونة التي تصلق، وتظهر الفلعات في ذاك الرأس، وتبرز الأذنين مثل «مغارف الصَلّ»، اليوم ترون مدى الاهتمام والعناية والأسلوب الجديد في التربية، والمدارس العصرية المتنوعة، حتى الكمبيوتر واللوح الرقمي يوفرونه لك، نحن في زماننا هذاك من هذاك الذي يقدّر أن يُجَلّد كتبه ودفاتره، المهم لو جاءنا التعليم عن بُعد، بدلاً من قراءة الراشدين، ونحن في تلك الأعمار سنقول: «جت والله جابها»، أقلها لن نقابل ذاك المدرس الأحمر الذي «فتنته عدال خشمه»، وعصاه ما تفارق يده، والنتيجة النهائية لم ينجح أحد، لأننا ببساطة ما نحب نقرّ في البيت، فكيف إذا قالوا لنا اقرأوا! والأهل الأولون كان عندهم أوجب من قراءة «رأس رؤوس، دار دور» أن تساعدهم في «خلاب النخل أو تحديرها»، يعني ليس هناك وعي واهتمام مثل الآباء الجدد، فربما لو كان التعليم عن بُعد أتى في وقتنا الماضي لجاب لنا الرقاد، لكنه اليوم حقيقة ماثلة وربما سبّاقة تحسب للإمارات ونهضتها التعليمية الجديدة، غير أنه في تجربة اليوم الأول للتعليم عن بُعد، وجد الأهالي بعض الصعوبات، صعوبات في التواصل والسرعة التقنية المطلوبة سواء من جهة المدارس أو من جهة المنازل، ومدى تقبل الطلبة لهذا الأسلوب العصري والحديث، والذي أعتقد أنهم سيتجاوبون معه بسهولة ويسر، خاصة التلاميذ النجباء، واليوم ما شاء الله، هذا الجيل «بصيرين» في مسائل الحواسيب منذ نعومة أظفارهم، لكن الله يعين الأمهات، خاصة إذا كانت «ثري إن ون» متابعة ثلاثة أبناء في وقت واحد، وتحضر فطورهم الصحي المختار بعناية، لأنها لا تثق في الشغالات في هذا الوقت لكثرة وساوسها، وتعال أنت الزوج وجرب أن تدخل ضمن برنامجها وأولادها وتعليمهم عن بُعد، وقل لها الساعة الثامنة تقريباً: «سوي لي ريوق»، فستجحظك بتلك العين، ولا تتوقع أن يكون ردها غير: «اسميك أنت متفيج، ما في ريوق إلا إذا طلع الأولاد فسحة عن بُعد»!