لا حديث في العالم اليوم إلا عن كورونا، الذي لا يمكن هزيمته بالأمصال وحدها، وإنما أيضا بالثقافة التي هي الحصن والمانع من انتشاره. لن يأتيك الكورونا إذا احتميت عنه، لن يأتيك إلا إذا ذهبت إليه. هذه الحكمة البسيطة تلخّص كل ما تسعى إليه الدول الآن لنشر ثقافة الوقاية منه. ولا عيب أن يتصدّر الفنانون والمثقفون في العالم منصات توجيه هذه الحكمة الى الشعوب لأنهم الأكثر تأثيراً ومتابعة. في الهند مثلا، أوقف الممثل أميتاب باتشان تصوير الكثير من أعماله، وذهب لكتابة قصيدة بسيطة باللهجة الدارجة الهندية تحث على ضرورة غسل اليدين وقام ببثها على وسائل التواصل الاجتماعي. ومثله فعل كبار الممثلين والنجوم في بوليوود.
أيضاً، بدأت الكثير من المواقع والصحف تنشر القصائد الشعرية المتعلقة بالوباء والفايروس، ولكن بدرجات متفاوتة في التناول والمعالجة. هناك مثلا قصيدة سائق الشاحنة شياو هونغ بينغ البالغ من العمر 50 عاما الذي علق في الشارع بين مدينتين ولم يُسمح له بدخول ايهما، فكتب (مركبة واحدة تطفو في العالم، أنا الآن أصنع بيتي في الأراضي البرية). واستغلتها الصحف الغربية لانتقاد تعامل الصين مع الظاهرة.
كاتب آخر في جريدة نيويورك تايمز علق بالقول (مسارح برودواي مغلقة، الأفضل كتابة الشعر). مذكرا بحادثة الطاعون الذي اجتاح أوروبا في العام 1590، حين أغلقت المسارح وتم الحجر على الناس في بيوتهم، ويومها عاد شكسبير الى كتابة القصائد التي نشرها في ديوانه (فينوس وأدونيس).
الشاعر أنتوني تاو المقيم في بكين، نشر قبل أيام نصاً شعريا مطولاً بعنوان (كورونا في الصين)، لكنه تعامل مع الأمر فنيا ووجوديا، عبر تقطيع النص الى عدة فقرات بعناوين مختلفة (كورونا في الحي – كورونا في الشوارع – كورونا في غرفة النوم -كورونا في الحديقة الإمبراطورية...الخ) كأن يقول مثلا: ابتسمنا من وراء الأقنعة، قلنا مرحباً بحواجبنا، تركنا الأبواب مفتوحة لنذكر بعضنا أننا لا نزال هنا، زوجة البقال تشن رحلت إلى مسقط رأسها، العجوز الحلاق لي اختفى مع الراديو الذي كان يحمله...
شاعر أيرلندي آخر قدم نصاً شعريا يصف الظاهرة: يقولون في ووهان بعد سنوات الضوضاء يمكنك سماع الطيور مرة أخرى. يقولون في شوارع أسيزي الإيطالية أن الناس يُنادون بعضهم عبر المربعات الفارغة، الناس في العالم ينظرون إلى جيرانهم بطريقة جديدة ويستيقظون على واقع جديد... وهناك بالطبع آلاف القصائد التي تكتب عن كورونا اليوم.