خلال كل أزمة أو كارثة أو مناسبة أو حدث يتفاعل معه الناس، يظهر من بينهم أشخاص لا تدري من أين يزفون لك بشارة، أو يرشدونك لدواء، أو يحذرونك بطريقة جاهلة وخاطئة، هؤلاء المتسابقون للبشارة أو النصيحة أو التحذير، هم متطوعون بالمجان، خاصة وكل قنوات التواصل والاتصال بلا قيد ولا شرط، والكل سيد فيها، ويتسيد، ومن فداحة أخطاء البعض منهم تشك فيهم، وفي الأجندات التي قد يتبعونها، وبعضهم يقع على رأسه، ويتورط تلك الورطة كالمنغمس في الوحل، فلا يعرف كيف يخرج منها، هؤلاء الذين يتسابقون في بشارة الناس يهرفون بما لا يعرفون، مرات ضد توجه الدولة، ومرات منافية للحقيقة، ومرات أخرى تطعن في الدين، معتقدين أنهم يصنعون حُسناً، أما المعلومة الطبية فأمرها معدوم، ولكنهم يدلون بدلوهم فيها، الفرحون بالبشارة الكاذبة تجدهم في كل واد يخوضون، استشارة قانونية جاهزون، فتاوى يجتهدون، آخر مستجدات «كورونا» تجدهم السبّاقين، حزمة إجراءات اقتصادية، هم المفسرون الحواشي والهوامش للناس، قد يتفكر الإنسان لما هذا التسابق على الظهور في وسائط التواصل الاجتماعي؟، ما هي الغاية الحقيقية للظهور، هل هو دافع الشهرة والنجومية؟ هل هو دافع مادي سهل؟ المشكلة في هؤلاء الزافّين للناس البشارة الكاذبة، والمعلومة الخاطئة، والدواء الذي يجلب الداء، أنهم غير مؤسسين على قاعدة من المعرفة والاطلاع والمهنية، لذا تكثر أخطاؤهم، ويكثر أعداؤهم، ويتناقص محبوهم، وحين تدنو النهاية، لا يجدون أحداً من الذين كانوا يعملون «لايك» باستمرار.
ولو فقط استعرضنا أمثلة وشواهد من الذين أعمونا بظهورهم مؤخراً كل لحظة، يبثون بشاراتهم وتحذيراتهم ووصفاتهم الشعبية لمقاومة الكورونا، ومعالجتها بالحنظل والحرمل واللبان، والذين بقوا يطمئنون المساهمين والمضاربين في سوق الأسهم أن الأسهم بخير ومتعافية، وأن لا شيء تغير على الأحوال، ومن بينهم يظهر واحد كـ«الطرثوث» يبشر الناس بإلغاء المخالفات المرورية بسبب كورونا، ما دخل كورونا في المخالفات المرورية؟ ربما هو يتمنى ذاك، فلم لا يفرح الناس ببشارة كاذبة قد تتحقق، وإن لم تتحقق فلن يحاسبه أحد، أما المستعرضات ملابسهن، فيحسبن كل ظهور على وسائط التواصل الاجتماعي يشبه التسوق في لندن، والاستعراض الكاذب لبعض المحال الراقية، لذا ليتهن اختفين عند ظهور«كورونا»، لأنهن ساهمن في انتشاره بذاك الجهل والسذاجة في التعاطي والطرح والنصح، والبعض منهن تمارَين في الظهور العلني في المطاعم والمحال التجارية الفخمة وفي الشوارع، وكأن لا شيء يشبه حظر التجول بسبب الخوف من تفشي الوباء، وبغية السيطرة عليه في بداية انتشاره، ولولا الشدّة والعين الحمراء لزاد الاستخفاف، وتضليل الناس.