على الرغم من كل الإجراءات الاحترازية المتخذة من قبل الدولة والحملات التوعوية والدعوات التحذيرية لإشراك كافة فئات المجتمع في جهود التصدي لمنع انتشار فيروس كورونا، نجد البعض يصر على تجاهلها بانتظار أوامر إلزامية وعقوبات رادعة ليقتنع أن المسألة خطيرة ولا مجال للتهاون في كل ما من شأنه حماية المجتمع. وسمعنا كيف اعتبرت سلطات بعض الدول عدم الالتزام بالتعليمات الصادرة ضرباً من الأفعال التي ترقى للخيانة العظمى.
فوجئت كما فوجئ غيري بأن مقاهي «الشيشة» لا زالت تعمل في هذا الظرف الدقيق، وهي في مقدمة بؤر العدوى عند انتشار أي مرض، فما بالك بوباء سريع الانتشار والفتك، تحذر منه ليل نهار السلطات الصحية ومنظمة الصحة العالمية. المسألة ليست «رأساً وحجرين» وإنما صحة مجتمع على المحك.
بادرت دائرة السياحة والثقافة في أبوظبي بحظر تقديم «الشيشة» في الفنادق والمنشآت الصحية قبل أن تعلن الدائرة الاقتصادية الحظر، بينما لم نسمع صوتاً لبلدية أبوظبي التي يبدو أنها نسيت قراراً لها قديماً بإغلاق مقاهي الشيشة داخل الأحياء السكنية ورضخت لقوة أصحابها.
ونتمنى بالمناسبة إحياء هذ القرار الذي يعد امتداداً لجهود الدولة واستراتيجيتها لحماية المجتمع ومن فيه من الأمراض الخطيرة الناجمة عن آفة التدخين إجمالاً.
وبالعودة لجهود التصدي لفيروس كورونا يلاحظ المرء تباين القرارات ليس بين الجهات الاتحادية والمحلية، بل في المدينة والإمارة الواحدة. ففي الوقت الذي نجد فيه إغلاقاً للحدائق والمتنزهات العامة في بعض الأماكن، نجد حفلات عامة تقام في ذات المدينة، أو في بعض إمارات الدولة.
وهناك أكثر من صورة لهذا التضارب والتناقض.
وكما جرى الاتفاق بأن تكون وزارة الصحة ووقاية المجتمع الجهة الوحيدة المخولة بإصدار البيانات المتعلقة بتطورات الإصابة وحالات الشفاء والحجر المتعلقة بالفيروس، نتطلع لأن تكون الهيئة الوطنية للأزمات والطوارئ المصدر الوحيد لإعلان القرارات الخاصة بإضافة إجراءات احترازية جديدة كإغلاق هذا النشاط التجاري أو وقف تقديم خدمات معينة تتسبب في نشر العدوى بين الناس، إذ لا يعقل ونحن في ظرف استثنائي دقيق ترك الأمور بيد جهات لا تضع في الحسبان ما تعنيه استمرار التجمعات وما توفره من بيئة خصبة لنشر العدوى. وشاهدنا كيف تعاملت «الأوقاف» عندنا وفي العديد من البلدان الشقيقة مع أداء الصلوات في المساجد، ودعت كبار السن ومن به مرض للبقاء في بيوتهم وأداء الصلاة فيها.