في غمرة احتفائنا مؤخراً بالضربة الموفقة والساحقة لشرطة دبي بإحباط أضخم عملية تهريب مخدرات في العالم، كانت هناك نقطة وإنْ بدت تمويهية، إلا أنها بحاجة لوقفة حول آليات عمل جمعياتنا الخيرية.
تبين من تحقيقات العملية أن السبعيني الذي تزعم التشكيل العصابي لتهريب نحو ستة أطنان من الحبوب المخدرة كان يتقاضى مساعدة شهرية لا تتعدى ألفي درهم. مبلغ وإنْ بدا بسيطاً، ولكنه يكشف عن وجود خلل في المتابعة الميدانية والبحثية لدى العديد من جمعياتنا الخيرية.
عندما تذهب لأقسام توزيع المساعدات، وبالذات في المواسم وبدايات الشهور، ترى عجباً بسبب وجود فئات تتصدر الكشوف، وهي تستقل سيارات جديدة حتى لا نقول فارهة وفي كامل أناقتها، وتغادر المكان بعد تسلم الحصص المقررة لها، وكذلك المخصص المالي.
يتزايد نشاط هذه الفئات المتمرسة في «تسلم» المساعدات، بينما هناك عشرات الأسر المتعففة التي لا تغادر منازلها، حياء وتعففاً ولا يعلم بها أحد سوى من يعرفهم من الجيران والأقارب الذين يتكفلون بها بين حين وآخر. وفي أكثر من مرة نسمع هذه الملاحظات والتعليقات عبر برامج البث المباشر في إذاعاتنا.
جمعياتنا الخيرية مدعوة لمغادرة المكاتب وتكثيف البحث الاجتماعي للتنقيب عن هذه الأسر التي بلغ ببعضها الحياء والتعفف أنها لا تكشف حالتها لقريب لها، وتنتظر أن يأتيها الفرج عن طريق زيارة ميدانية لباحث اجتماعي في هذه الجمعية أو تلك.
هناك العديد من هذه الأسر بين ظهرانينا، وبالأخص ممن لا عائل لها، أو يكون عائلها الوحيد قد أصبح عاجزاً عن العمل بسبب المرض. ومعظم جمعياتنا الخيرية تعمل على انتظار من يطرق أبوابها، بينما هناك من ينتظر منها أن تطرق بابه وهو في أمس الحاجة للمساعدة. دوائر ووزارة تنمية المجتمع تنهض بدور كبير في مساعدة من هم في قوائمها، ولكن هناك فئات خارج تلك القوائم بسبب ظروف لا يد لهم فيها بحاجة لمن ينظر في أمرهم.
واقعة زعيم العصابة السبعيني الذي اعتقد أن تسجيله في قوائم المساعدات الخيرية سيبعد عنه الأنظار، ربما تكون لها صور وحالات مماثلة من حيث عدم وجود حاجة حقيقية للمساعدة، وهو بذلك يستولي على شيء لا يستحقه، وفرصة إنسان أو عائلة أكثر حاجة. وأملنا كبير في جمعياتنا الخيرية لإعادة النظر في آليات التوزيع.