السر في المتسوق السري، كما هو السر في محارة البحر، كما هو السر في نبتة الأرض، كما هو السر في أحشاء الغيمة الممطرة.
هكذا علمنا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في أن الشفافية لا بد وأن تتبعها استقصاءات الواقع، وجس نبض ما يجري بين جداول الماء من أنواء، أو أهواء، ففي الأسواق هناك أدراج مغلقة تحتاج إلى أنامل أرهف من أجنحة الفراشات، تتوغل في عميقها، لتكشف عن ما يدور تحت الملاءات الغليظة، ولتفصح عن بعض الغبار الذي تثيره الخيول الجامحة.
هكذا يفهم سموه وبوعي نابه، كيف تدار حلقات السباق في الحياة، وكيف تمضي الجامحات، عندما لا تجد المروض، والذي يعي كيف تساق الإبل نحو موارد الماء، ومواطن العشب.
الإمارات اليوم، تسكن قلب الحراك الاقتصادي، كما أنها تمسك بزمام التطور، ولكي تستمر في الحياة بحيوية، لا بد وأن تضع المعايير التي تحدد مستوى التطور، والتي تقيم السلوك، وتقوم المسيرة، وتقيم خيمتها المبهجة عند رؤوس الواحات الخضراء، ومن أراد أن يكون استثنائياً في العالم لا بد وأن يرسخ المفاهيم ذات الفرادة والقوة التي تمنع تسرب المياه المالحة، إلى النهر.
ونهر الإمارات، أصبح اليوم، محطة ومهبطاً لطيور العالم، والتي جاءت تبحث عن ملاذ الطمأنينة، ولذلك تحتم على قيادتنا أن تكون في الموقف منارة وقيثارة، وأن تضع من القوانين، كل ما يضع الثمرات على أغصان الشجرة العملاقة، وأن تروي وجدان الناس بعذوبة ما تسنه من ثوابت، تحمي المصير، وتؤمن المستقبل، وتجعل من بلادنا، مثالاً يحتذى به، ونموذجاً يقتدى به، ولا مجال للتراجع أو الكسل، فسفينة الإمارات المحملة بمسؤولية بناء الثقة، لن تتوانى من التخلي عن المتهاونين والمتخاذلين والمغردين خارج السرب، والاستغناء عن خدمتهم، لأن واقع الإمارات بني على التفاني والوفاء لخير الوطن الأمر الذي يجعل الصرامة مبدأ، والحزم عقيدة، والجزم فكرة مجللة بحب كل ما يعلي شأن الوطن، ويحميه من الغبار، والسعار.
المتسوق السري، عين القيادة التي تعمل دوماً على تثبيت الأركان على أعمدة لا تهزها ريح الطمع، ولا تميلها تباريح، فالهم الوحيد هو أن تبقى الإمارات خالية من فيروسات الجشع، نقية من شوائب الفردانية العقيمة.
هكذا يرى سموه، وهكذا يريد أن تكون الإمارات في الحقل الكوني، شجرة عملاقة ولا أوراق صفراء على أغصانها، هكذا يؤمن سموه بأن الإمارات خلقت لأن تكون المميزة في كل شيء، الممتازة في كل عطاء.
هكذا يفكر سموه، يفكر فلاسفة الكون العظماء بأن الإنسان هو راعي الكون، وعليه تقع مسؤولية حمايته من الغث والرث.