الإنسان النفعي هو كائن طفيلي، وصولي، انتهازي بامتياز، هو بذلك يذهب إلى العالم بحزمة من الرغبات التي تدر له اللذة الذاتية.
الإنسان النفعي ينهج منهج فلاسفة النفعية أمثال بنتام، وكون ستيوارت مل الذي رأى أن اللذة هي خير، والألم شر. وكل منا يرغب باللذة لنفسه، ويهرب من الألم.
فكرة جهنمية يمتطي خيلها الإنسان النفعي، وينبت في الوجود مثل عشبة شيطانية بأنياب الغطرسة.
عندما تكون نفعياً، فإنك تصبح مثل عربة بلا فرامل، تصبح مثل طوفان أحمق، يطغى ويقصف ويخسف وينسف ثوابت الطبيعة، ويحولها إلى ركام وسخام واحتدام، عندما تكون نفعياً، فإنك تتضور، وتتصور العالم قطعة إسفنجية محلاة بسكر الرغبات الطائلة، وعليك التهامها قبل غيرك.
عندما تكون نفعياً، فإنك لن ترى في الطريق إلى تحقيق الرغبات غير نفسك، سوف تتخيل أنك تمشي في الطريق وحيداً، أما الآخرون فعليهم التنحي، والانزواء بعيداً عن جادتك.
عندما تكون نفعياً، فإنك جاهز للخيانة، مهيأ لارتكاب أفظع الجرائم بحق الآخرين، عندما تكون نفعياً، فكل أكتاف الناس سلالم ترتقي عليها لتصل ولا نهاية لتطلعاتك، ولا شواطئ لرغباتك، فالعالم أفق مفتوح على آخره، العالم بوق عملاق يصرخ في وجهك، ويقول لك اذهب، وافعل ما تشاء، متى تشاء، ولا تتوقف، حتى لا تفوتك الفرص.
عندما تكون نفعياً، فأنت مثل الجرح المفتوح، لا توقف نزيفه الخرق البالية، عندما تكون نفعياً، فأنت أخطر من المرض الخبيث، بل أنت العاهة المستدامة، أنت قيامة الرغبات بمخالب مستطيلة لها أسنان الغضب، والسغب، والنهب، والسلب، لا يوقفها نبل، ولا سبل، إنك في النفعية جار ومجرور، وحرف جره يكسر الحجر، ويصلب الساق والجذر، أنت في النفعية، أناني حتى النخاع، شوفيني حتى عظم الرقبة، كاره حتى الدم واللحم. لا يمكن أن تكون نفعياً، وفي نفس الوقت تكون محباً.
النفعي لا يحب إلا نفسه، والنفعي يكره حتى الأم والأب، والأخ والولد، يكره الجار، والزميل، والصديق، النفعي ليس له قريب إلا ما ينفعه، وما يشبعه باللذة، ويبعد عنه الألم.
النفعي يمتلك من قدرات المراوغة ما يجعله أكبر مخادع، وأعظم كائن يجيد المقامرة.
النفعي قد يبدو مسالماً، متسامحاً، ليناً، عطوفاً، لطيفاً، خفيفاً، ولكنه في باطن الأمر، تكمن هناك المعضلة، وهناك يختزل النفعي كل معطياته الظاهرة، في عبارة واحدة «أنا ومن بعدي الطوفان»، النفعي ليس له حذر، ولا ساق، إنه مثل النباتات الطفيلية التي تنمو على حساب نباتات أخرى، فتمتص ماءها، وتسرب غذاءها.