عبدالعزيز العنبري مدرب الشارقة، ليس أول مدرب مواطن يقود فريقه إلى لقب الدوري وحسب، وليس فقط الذي أعاد الوهج إلى بيت «الملك»، وتمكن من إرجاعه إلى منصات التتويج بعد طول غياب، كما لا يكفي القول إنه أول من فاز بلقب الدوري لاعباً ومدرباً، ولكنه ذلك الفذ القائد الذي كان على أرض الملعب، وذلك الهادئ الواثق المتمكن على الدكة، بل أكثر من ذلك، هو اللاعب الخلوق، والمدرب القدوة.
في الموسم الماضي، عندما سجل لاعب العين الحالي، جمال معروف، هدفاً في مرمى الشارقة، احتفل بطريقة مبالغ فيها، وكأنه يريد توجيه رسالة ما، وبالفعل فقد أدلى بتصريح بعد المباراة، قال فيه إن احتفاله كان رسالة إلى نادي الشارقة، مفادها أنه لاعب ملعب، وليس لاعب مدرجات، وأن العنبري طلب منه اللعب مع الشارقة، وعندما جاء فوجئ بأنه ليس من ضمن خياراته، وجعله حبيساً للمدرجات.
في الأسبوع الحالي، أجرى حساب «حدث الرياضة» في تويتر، وقناته على «اليوتيوب»، مقابلة مطولة مع عبدالعزيز العنبري، ومن ضمن الأسئلة كان الحديث عن جمال معروف، فقال العنبري بالهدوء المعتاد: «اللاعب قمة في الأخلاق والاحترام، وأنه لم يكن من النصيب والمكتوب إشراكه، ولكنه اليوم في نادٍ كبير، وكتب له الله الخير والتوفيق».
ردة فعل ليست مستغربة، ولا تصدر سوى من العنبري، رد راقٍ يعبر عن أخلاق عالية، لم يحاول التقليل من اللاعب، ولم يكن منفعلاً أو باحثاً عن تبرير لما أدلى به جمال معروف، لم يسع خلف بطولة وهمية، لم يكن بحاجة سوى إلى رد هادئ مقنع، كسب به نقاط مواجهة إعلامية غير مرتب لها، بنفس طريقته في كسب النقاط لفريقه الشارقة.
الرد الذي جاء على لسان عبدالعزيز العنبري، هو رسالة إلى كل المنتمين إلى الوسط الرياضي، فبأخلاقنا نسمو، وهكذا نقضي على المهاترات والملاسنات الكلامية، وهكذا يتم وأدها في مهدها، وبهذا الأسلوب نؤسس لثقافة رياضية سامية، تقوم على الاحترام المتبادل، وننشر الرسائل الإيجابية، في إطار نبذ التعصب المذموم، ونحارب الكراهية.
منذ وطأت قدماه الملاعب، كان العنبري نموذجاً يحتذى به، كان نجماً لا يشق له غبار، كان فناناً على أرض الملعب، كان ولا يزال إنساناً بمعنى الكلمة، كبيراً في موهبته، وراقياً بأخلاقه، هو قدوة للجميع، هو المثال الذي يجب أن يدرس للنشء والأجيال القادمة، في كيفية توظيف العقل بالطريقة الصحيحة، كلاعب ومدرب، العنبري.. أخلاق عالية وموهبة لا تنضب.