مر أكثر من عقد على دخولنا عالم الاحتراف، خضنا هذه التجربة بحماس كبير وأهداف موضوعة، لغاية الكل يعلمها، وهي تطوير كرة القدم الإماراتية وصقلها بهؤلاء الشباب، وكنا في أمس الحاجة لمواكبة المتغيرات التي طرأت على الدول المتقدمة كروياً.
كانت بدايتنا طبيعية كأي تجربة نرغب في خوضها، وسرعان ما تطورت هذه المنظومة، واهتمت بالخطوط العريضة، وأغفلت بعضها رغم أهميتها وربما تكون هي الأساس، حيث تم العمل على كيفية تطبيق الاحتراف من خلال توقيع العقود واستقدام المدربين، وغيرها من الأمور الخارجية، لكنها تناست كيف تعمق اهتمامها بالنشء وتكوين القاعدة الكروية الكبيرة، وصقلها بمفهوم الاحتراف، وكيف يعيش اللاعب وماذا يفعل طوال اليوم، وأصبح ظاهراً للجميع أن المحترف هو اللاعب الهاوي، ولكن براتب مرتفع. الزميل جاسم الشحيمي من خلال برنامجه الجديد «سيلفي العاصمة» في قناة «أبوظبي الرياضية» ضرب صلب الواقع الاحترافي في كرتنا، عندما أجرى حديثاً مشوقاً مع أحد اللاعبين الناشئين في أحد الأندية يدعى سهيل، اللاعب الشاب أعطى متابعي كرة القدم والمهتمين ملخصاً وافياً في دقائق معدودة عما نعانيه من وراء الاحتراف، وما خلفه من تبعات ستؤثر مستقبلاً إذا ما استمر الحال كما هو عليه الآن.
سهيل تحدث بعفوية وبأدلة وإثباتات علمية مقتنعاً بها كلياً، ولم يبخل علينا في الكشف عنها والنقاش حولها، عندما أكد رغبته الكبيرة في خوض الاحتراف في كرة القدم وترك فكرة الاهتمام بالدراسة معللاً ذلك بأنه لا يحتاج لها في حال أصبح لاعباً، وذلك بسبب العائد المالي الكبير، الذي يتقاضاه اللاعبون، حيث وصل إلى 200 أو 250 ألفاً في الشهر، وهو ما يفوق كثيراً ما يتقاضاه أي موظف عادي أو حتى مدير في أي جهة أخرى، فبهذا الرقم، برر سهيل رغبته في عدم إكمال دراسته في سبيل الوصول إلى عالم الاحتراف.
وهنا نتساءل هل أخطأ سهيل؟ بالتأكيد لا، فحديثه يعتبر عين الصواب مقارنة بين الأرقام التي طرحها هنا وهناك، فالأرقام الفلكية التي يتقاضاها اللاعبون من «دنيا الاحتراف»، أثرت على الجيل القادم الذي لم يعد يهمه من عالم الكرة سوى «البيزات»، وهنا تصبح الدراسة من المحظورات، ولا تستغرب بعدها كيف وصل الحال لكرة الإمارات.
سهيل دق ناقوس الخطر، لرياضة أصبح الكل فيها يلهث وراء المال، ولا يهمه سوى الراتب الذي سيتقاضاه حين يصبح محترفاً، ويبقى السؤال الأهم هل هذا ما جنيناه من الاحتراف؟.
أرجوكم فتشوا في لاعبينا الصغار وأنقذوا «سهيل وربعه» من «سالفة الاحتراف»، واجعلوهم يكملون دراستهم وهم «هواة».