كان الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن في رائعته «زمان الصمت»، والتي شدا بها صوت الأرض المطرب الراحل طلال مداح، يتحدث عن حقبة زمنية تجاوز عمرها 50 عاماً، نصف قرن بالتمام والكمال، ولكني أراها تشبه كثيراً واقعنا الرياضي في الزمن الحالي، لا تسمع سوى الصمت، رغم الحزن والشكوى، رغم المشاكل الكثيرة، والأزمات الكبيرة، رغم كثرة الشقوق والتصدعات في المؤسسات الرياضية المختلفة، لا تزال الجهات المعنية بإدارة شؤوننا الرياضية في حالة من السكون التام، فلا عين رأت ولا أذن سمعت، وكأنه كتب لها أن تعيش في زمان الصمت.
في كرة القدم حيث الأضواء، لا يهم مقدار الأموال التي أنفقت وفيم أنفقت، وأين تذهب تلك الموارد المالية الضخمة؟ وهل جنينا مردوداً مساوياً لما أنفقناه؟ وهل مسابقاتنا قادرة على استيعاب هذا البذخ والإسراف؟ وكم عدد المواهب التي ظهرت نتيجة العمل المبذول؟ وأسئلة كثيرة عن ضعف مشاركات الأندية، وإخفاقات المنتخب من الأول وحتى المراحل السنية، وعن صناعة كرة القدم، وعن المشاكل نفسها التي تتكرر في كل موسم، فلا توجد جهة قامت بما هو مطلوب منها، أو حتى تطوعت مشكورةً على إعادة تقييم العملية الاحترافية بعد 12 عاماً من تطبيقها، وهناك الكثير من الاستفسارات والأسئلة المتعلقة باللعبة، ولكنها لا تزال غامضة ومجهولة وبلا أجوبة.
اليوم، أصبح الحديث عن الهموم التي تعيشها الألعاب الشهيرة مجرد «فشة خلق»، وكلام يقال لتعبئة المساحات الإعلامية أو حبر على ورق، وتبدأ المشاكل في بعض الاتحادات، وتكبر وتتضخم وتتدحرج مثل كرة الثلج، حتى تصبح غير قابلة للحل، فتعصف المشاكل في بعض الاتحادات، وتؤثر في مصير اللعبة، أما الجهات المعنية فلا نسمع لها ركزاً، وكأنها اختارت أن تقف موقف الحياد، وفي نقطة المنتصف تماماً بين البريء والمذنب من أعضاء مجلس إدارة الاتحاد.
عندما يرى البعض أن تنظيم المنافسات يعتبر إنجازاً عظيماً، يستحق عليه الشكر والثناء، فلا تتفاءلوا كثيراً، ولا تثقوا بمن يصر على البقاء متشبثاً بكرسيه صامداً حتى نهاية المدة، وهو يعلم أن جميع من كانوا معه بالأمس، أصبحوا اليوم ضده، ولا تصدقوا تعريف الأغلبية المطلقة، ولا تجتهدوا في تفسير القوانين والبنود والمواد، فبعض اللوائح ليس مهماً، والقوانين التي جاءت بهم إذا قدر لها أن تكون سبباً في رحيلهم فهي ليست ملزمة، وفي زمان الصمت لن نعترض إذا قال أحدهم إن التستر على فضيحة رياضية مدوية، وإخفاء الحقائق، هو شيء من الحكمة.