الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

شهر القراءة.. ليست «فزعة» وتنتهي! إنه مشروع دولة

شهر القراءة.. ليست «فزعة» وتنتهي! إنه مشروع دولة
3 مارس 2020 00:08

محمد عبد السميع (الشارقة)

إدراك الإمارات المبكّر لأهميّة الثقافة ودورها في بناء المجتمعات، جعلها تؤمن بالمطلب المؤسسي المصاحب لهذه الرغبة التي توليها الدولة عنايتها الأكبر، فلم يبالغ من قال إنّ الإمارات أصبحت محطّةً أدبيّةً وفنيّةً وفكريةً ومعرفيّةً، بما يتفرّع عن كلّ هذه الحقول من محاور وأجناس إبداعيّة، إذ انعكست هذه الاستراتيجيّة في أن تحصد الدولة مؤشرات عالية في ما تقوم به على مدار العام من جهود مؤسسية، ليست محليّةً أو خليجيّةً أو عربيّةً فحسب، بل وعلى المستوى الإنساني، من خلال تواشج عمل المبادرات الواثقة بمحصولها الفكري والمعرفي والأدبي والفني مع عمل منظمات دوليّة مهمّة، لتقف على قمم الإنجاز المؤطّرة بإطار عالمي، على مستوى تحقيق المعايير المرسومة أو الرؤية الرائدة في أكثر من مجال.
يمكن للمهتمّ أو المتتبّع لهذا الشأن، أن يلتقط عيّناتٍ من مبادرات أو نشاطات أو مهرجانات أو معارض كتاب أو هيئات ثقافيّة مجتمعيّة أو حكوميّة، ليحصل على فسيفساء شاملة ومتنوّعة قطف المجتمع المحلي والضيوف ثمارها اليانعة، فلم تكن هذه الجهود مجرّد «فزعة» تنتهي أو تنفضّ بعد إقامة النشاط، بل إنّ استثمار الدولة ثقافياً في الإنسان جعل الإمارات كلّها مجتمعاً وحكومةً تزداد منعةً وثقةً وهي تعبر السنوات والعقود نحو المستقبل بثقة، مراهنةً على إنسانها المثقف الواعي ومجتمعها الذي تنخفض فيه نسب الأميّة إلى أقلّ درجاتها، خصوصاً في هذه الظروف الإقليمية والدولية التي صدقت فيها الاستراتيجية الوطنية الإماراتية للثقافة، بكلّ أبعادها، فلم يكن ذلك ترفاً أو تقليداً أو مجرد استعراض، بل كان مشروع دولة له قواعد وأسس وغايات ويتجدد باستمرار بهدوء وهدوء، باعتبار الفعل الثقافي عامل تحصين للدول والمجتمعات من الاختراق الثقافي والنفاذ إلى ذهنية الإنسان الثقافية، والأمثلة على ذلك كثيرة في دول عديدة يمكن أن نتمثّل بها في هذا الشأن.
في الموضوع القرائيّ، على سبيل المثال، نحن أمام شراكة لجامعات إماراتيّة تقدّم منحاً ودعماً لأوائل مشروع تحدّي القراءة العربي، وكذلك نحن واقفون على مبادرات لمشاريع للترجمة، بالإضافة إلى مشاريع نشر إلكتروني جادّة لموضوع تحدّي القراءة العربي، كأكبر مشروع عربيّ في هذا المجال، كما أنّ صناديق مخصصة للقراءة ما تزال عاملةً وأسست للمجتمع القارئ، فضلاً عن مؤتمرات المعرفة والعلم، يُضاف إلى هذا كلّه معارض الكتاب التي باتت تستقطب كبريات دور النشر العربية والعالميّة وتقام في ظلّها احتفالات بجوائز مهمّة على الصعيد العربي، كجائزة البوكر العربية للرواية التي تعلن في معرض أبوظبي للكتاب، كما تبرز أهميّة معرض الشارقة الدولي للكتاب أيضاً، إذ يشكل المعرضان عملاً مؤسسياً كبيراً ومهمّاً في العالم، أما في مجال المهرجانات، فنحن وعلى مدار العام، على موعد مع مهرجانات مسرح ومهرجانات شعرية وسينمائيّة وملتقيات أو محترفات تشكيلية، وسوى ذلك مما اعتاده المثقف العربي، عدا مشاركات الدولة نفسها في كلّ الفعاليات العربية والعالمية، ما جعلها تحتل مراتب عالية جداً في موضوع التنمية الثقافية المجتمعيّة، إلى جانب أوجه التنمية الأخرى في الدولة.
أن يكون المجتمع الإماراتي قارئاً، وأن تغزو الكتب والإصدارات عقول الناس، ناهيك عن معشر المثقفين والكتاب والمبدعين، فإنّ في ذلك تأسيساً لمستقبل أفضل، فالثقافة دائماً وأبداً، هي الجدار الأخير للأمة العربية، خصوصاً في هذا الظرف العالمي الصعب والقاسي الذي نعيش.

رهان على الإنسان
الاستثمار في الإنسان جعل الإمارات كلّها تزداد منعةً وثقةً وهي تعبر السنوات والعقود نحو المستقبل مراهنةً على إنسانها المثقف الواعي

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©