لسنا باحثين عن اليأس، وكم نتمنى أن نوزع الأمل، كما نوزع تلك الكلمات.. نحن أكثر اشتياقاً لأنباء الفوز.. لا تصدقوا أننا هواة حرب أو حتى نقد.. الفرح رائع للجميع.. كل ما في الصور المبهجة مرغوب، حتى من تخلفوا عن الركب سيسامحهم الجميع وقت الفرحة.
لكن قل لي.. ماذا بإمكانك أن تكتب وأنت تفتش مثلاً في دوري الشباب لكرة القدم تحت 19 سنة، لتجد أملاً تتكئ عليه أو لاعباً يصرخ: لا عليك فأنا قادم، أو وجوهاً تشبه المونديال، فتفاجأ بأن هذا الأمل سراب، وذاك تعبير فيه الكثير من المجاملة وضبط النفس.
في دوري 19 سنة، المقام بمشاركة 16 نادياً، وحتى الجولة الـ22، حصل 51 لاعباً على 53 بطاقة حمراء، وحصل 281 لاعباً على 789 بطاقة ملونة، بمعنى أن 70 في المائة من اللاعبين إما أنهم طُردوا أو حصلوا على إنذارات، وهناك 6 لاعبين من فريق واحد حصلوا على بطاقات حمراء، ولاعب آخر من فريق حصل وحده -ما شاء الله- على 12 إنذاراً دفعة واحدة.
قل لي.. ماذا بإمكانك أن تكتب أو تقول وأنت تطالع هذه الأرقام، وهل تلقي باللوم على من يلعب أم من يدير أم الحكام، وهل تتشبث بالأمل أم تقول على كرتنا السلام؟.
لست مع التبرير الذي ساقه البعض في هذا الملف المنشور على صفحات «الاتحاد» بأن الغاية تبرر الوسيلة، فلو كان الأمر كذلك لعرفوا أن الغاية هي المجد والنصر والأمل، وتلك وسيلتها المثابرة والجد والالتزام، ولست مع من يرون أن تلك المسابقات حقل تجارب للحكام والحكمات، فكيف يدار التسيب في المباريات، ولا مع من يرون أن تصرفات الجهازين الفني والإداري على دكة البدلاء تصدر طاقة سلبية للناشئين، فالحقيقة -من وجهة نظري- أنها مسابقة للعبث، لا أحد يكترث بها.. هي فوضى في كل شيء، كان حتماً أن يكون عنوانها الطرد والإنذار.
لست أدري، ما هو العنوان المنطقي لحالتنا الكروية، والعبث يمتد من أسفل إلى أعلى والعكس، فنتائج الكبار سواء أنديتنا في آسيا أو المنتخب، ليست بحاجة إلى توضيح، ومن نعول عليهم، هم أولئك الذين تركوا المباريات وتفرغوا للطرد والإنذارات، وليتنا حولناهم إلى رياضة عنيفة كالملاكمة أو المصارعة، أو ليتنا أخبرنا بهم موسوعة الأرقام القياسية، فلا أظن أن أحداً سينافسنا في تلك الأرقام المزعجة.

كلمة أخيرة:
ماذا بإمكانك أن تقول لزارع .. ينتظر أن يحصد ما لم يزرع؟