هذا الأسبوع ترجل الكاتب والباحث الجزائري عياش يحياوي، ذلك المختلف في مشروعه الثقافي وطريقة عمله في تتبع التراث والحكايات الإنسانية، جاء بمشروعه من بلده، حيث أحب وعشق البحث والتنقيب عن ما له علاقة بالتراث الإنساني، وعلى الخصوص الصحراوي. وبما أن الصحراء دائماً لديها مشتركات كثيرة على مستوى الوطن العربي، كانت محطته في الإمارات والتواصل مع الناس في المناطق المختلفة وسعيه لرصد وتسجيل كل أنواع الموروث الشعبي والإنتاج الثقافي في المدن والقرى والمناطق الداخلية، مثمرة.
عياش واحد من الإخوة العرب الذين يعملون بحب وإخلاص في عملهم وحبهم للإمارات، أصدر العديد من البحوث والكتب المهمة، والذي يقف على كتابه البحثي «البيت الأول»، حيث رصد وتتبع العديد من أدباء وكتاب الإمارات وقدم مادة مهمة وجميلة، بل إن الفكرة نفسها كانت جديدة على المشهد الثقافي الإماراتي، ومثل تلك الأعمال الصحفية والبحثية تحتاج لجهد غير عادي في التتبع والرصد وتقديم المعلومة التي تكشف عن الأزمنة والحياة التي عاشها الناس في الإمارات ومعظمها تعود إلى خمسين سنة تزيد أو تنقص، ولكنها مادة جميلة في روح ومشهد الحياة في الإمارات الماضية والجديد.
كان مشروعه وبحثه الثقافي والتراثي ما زال في أوج العطاء، ولكن هكذا هي الحياة.. فجأة ترجل عياش وترك مشروعه التراثي، مشروع الأبواب، للقادم المحب لهذا النوع من الأعمال الرائدة والجميلة.
أيضاً تعود الذاكرة الآن إلى أحد أدباء وشعراء وباحثي الإمارات والمختلف أيضاً في أشعاره عن بعض أقرانه، فقد بدأ مثل نجم أطل على الحياة في هذا الساحل، وقدم القصيدة الباحثة عن الأسئلة، تلك التي تسكن في رؤوس الباحثين عن إجابات تطرق أبواب الحياة والمجتمع. كان يطارد القصيدة الجديدة وتطارده الأسئلة تماماً، مثل تلك الأصوات التي تلاحق الاختلاف وتجتثه من جذوره، حتى لا تكبر الأسئلة، وتأتي الأجوبة باهتة قاصرة عن الإجابات المنشودة، قال في قصيدة له شيئاً من تلك المطاردة بين الرفض والبحث عن جواب لقصيدته تلك: «كانت تطارده الكلاب كما تطارد بعضها».
إنها صورة واضحة لزحام وانزياح المطاردات على الساحل بين صدق القصيدة والتصفيق المبتذل لقصيدة المديح!
إنه الشاعر الجميل الذي رحل أيضاً مستعجلاً وترك القصائد والأبحاث الجميلة على ضفاف الأسئلة وانتظار من يكمل الطريق، إنه: أحمد راشد ثاني.