يقول ابن منظور في لسان العرب «السَّنَعُ: الجَمال..السَّنيعُ: الحسَنُ الجميلُ..امرأَة سَنِيعةٌ: جميلة لينة المَفاصِل لطيفةُ العظام في جمال، وقد سَنُعا سَناعةً». والسَّنَعْ الإماراتي العريق ماهو إلا مهارات حسية وسلوك يرسخ القيم ويحث على خلق بيئة مجتمعية متوازنة يتقيد جميع أفرادها بالآداب والأعراف ويحرصون على ممارسته لتعزيز هويتهم الثقافية وضمان استدامتها، ومنها - للذكر لا الحصر - آداب تعكس عمق الثقافة في مجالات «الضيافة، الطعام، الشرب، الحديث، المجلس، المزاح، التفاوض، السلام... وغيرها كثير». لذا فمن تربى على هذا السَّنَعْ يعي جيداً بأنه ينتج منظومة متكاملة تُسهم في بناء إنسان متوازن متشرب بالموروث وعناصره التي يطبقها في تعاملاته اليومية فتعكس جوانب من حضارته وهويته وثقافته لاسيما وإن السَّنَعْ الإماراتي العريق يرتبط بالأعراف السائدة، القيم والعادات والتقاليد، السلوكيات والأخلاقيات الحميدة، الذكاء الاجتماعي والعاطفي. ويقول المثل إن «القطو العود ما يتربى»!
***
لوَّلْ، في وطرنا وفي الزمان اللي لحجنا عليه محَد كان ييسر يرمس في الدين... وتربينا على الإيمان بالله وطاعة أولي الأمر وفعل الخير بعمق اليقين. ونتذكر عبارات أهلنا الخالدة بأن «الله بيحافينا» إذا تجاوزنا حدود العلم الذي يدور في فلكنا أو ادعينا ما لا نعلم. اليوم يقف الصغار واليافعون وغيرهم فيدلي كل بدلوه. وقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي منابر ومحاكم ومنصات للمنطق وما يخرج عنه بأميال، ففي مساحات هذا الفراغ الكوني هناك من يغرد وآخر يغني وثالث يتوسل بدلاً عن قيام الليل للعبادة والحث على فعل الخير وفعله... وهكذا أصبح الناس أطيافاً تتعلق بها أرواحٌ وأسماء وماركات وأكلات ورحلات وادعاءات فكرية وغيرها من العناصر التي تجعل المتابعين محبين أو كارهين أو على حالٍ غير ذلك. هذه الحياة التي افترضها البعض لأنفسهم وقرر عيشها، ومن بين هؤلاء المغردين والمغنين والمتوسلين وغيرهم من تجاوز الميان فوقع في المليان. وتُذكرنا تصرفات بعضهم بمبادئ السَّنَعْ الإماراتي العريق الذي تشربته عروقنا حتى أصبحنا كاتحاد دولتنا يداً واحدة. فقد ركز أهلنا الأولون على منطق الحشمة والمثل القائل «حد احشمه وحد احشم عمرك عنه». ولمن يقرأ بين السطور هناك مثل آخر لا ينطبق إلا على ما نسمع ونرى هذه الأيام ألا وهو: «طالت وشمخت»!
***
للعارفين أقول، نحن لا نحيد عن طريق الخير الذي تربينا عليه بفطرة أهلنا. وقد وعدنا أنفسنا بأننا جند لهذا الوطن الكبير في قلوبنا وللقيادة التي تسهر لننام بأمنٍ وأمان. وكما نعيش بسلامٍ في قرارة أنفسنا ووطننا الذي سندفن فيه، سلاحنا السَّنَعْ ولن نتركه قط حتى نذوق الموت واللي ما يعرف السَّنَعْ الإماراتي العريق نقول له إن «الثالثة أُم قرينات».