- هناك مهن منزوية لا يُعرف عنها الكثير، ومن يعرفها تجده يتكتم عليها، وهناك أناس متخصصون في تلك المهن الغائبة عن المواطنين الكرام، منها، المناولة في الموانئ، وقطْر المولدات الكهربائية الضخمة في البحر، تلقى إنساناً لابداً على مهنة، ويتمنى أن الناس لا يهتدون لها مثل بيع رغوة إطفاء الحريق أو استيراد مصاميل الحديد أو الفولاذ أو بيع صبغ خاص بدهان السفن من النوع المقاوم للرطوبة والصدأ والملح، مهن لو يقول لك أحدهم: هل تكون شريكي فيها؟ ستفكر ألف مرة، وتتعذر منه بأي شيء، أقلها والله خالتي تعبانة وهي ساكنة عندنا، وما أحد لها غيرنا. وأعرف واحداً لا تعرف له شغلاً معيناً، لكنه يدابك من زمان في السوق، مهنته طوارئ المناسبات، البلدية تريد «لايتات» بمناسبة مرور ثلاثين سنة على تأسيسها، تلقاها عنده، يقيس كميات السحب الملقحة هذا العام، فيقوم باستئجار سيارات شفط مياه من الشوارع قبل شهرين، جهة تريد أن تحوط أملاكها الشاسعة بشبك حديدي من النوع الإنجليزي الأصلي، والله ما بيخيب الجهة الطالبة، مبتغاها عنده في المستودعات، أحد يريد أن يطحطح نقا رمل، علشان يبني تلقى عنده معدات بهذا الخصوص، أقول لكم لو أحد يسأله تبيع نشوقاً أو سعوطاً، بيقول له: نعم.. عندي، كم تبا؟
- أحد من الناس لو تسأله شو أخبار الوالدة؟ من باب التلطف، والتودد، ووالدته تستحق السؤال عنها، لأنها طيبة، لكنها ربّت واحداً لا يشبهها، ولا يشبه طباعها، لأنه سيجد السؤال سانحة للشكوى، وفرصة للاستجداء، ومحاولة كسب التعاطف، والمتاجرة بأوجاع والدته التي دائماً ما تقول حين يسألها أحد عن حالها: الحمد لله يا ولدي بخير من فضل الله، لكن ابنها اليَعّري، ما زال يحب أن يركب على ظهرها، شو ما يظهر، سفرة إلى الخارج للعلاج مجاناً، وسيكون هو مرافقاً، وربما جلب زوجته معه كمرافق ثان، لأنها من زمان ما راحت ألمانيا، «هَمّجة غوازي» بيتقطع نصفها أو للأم ربع مما للولد حسب شرعته الخاصة، أشياء من الوصل والعطية من الناس الطيبين أهل ذلك الزمان الذي لن يعود، سيقدمها لزوجته لتختار، المزَرّي والمنَقّد، وما تبقى سيذهب للوالدة التي يكدّ على ظهرها، وهي لا تدري، لذا هناك نصيحة حفاظاً على ستر الأمهات الطيبات، الذي لا يقدم الحمد ويتليه بالشكر، لا تسأله عن أخبار الوالدة، ولو كانت حَصّلانة، وما تروم تقوم!