لو أغمضت الزوجة عينيها، فلا تظن أنها نائمة، فقم وانهض، واستعذ من الشيطان، وابق هكذا حتى تتيقن من استغراقها في النوم.
المرأة أياً كانت، فهي لم تزل طفلة تحتاج إليك، وعليك أن تكون أباً قبل أن تكون زوجاً.
المرأة لم تخلق هكذا، وإنما الثقافة الاجتماعية، وتاريخ العلاقة بين الذكورة والأنوثة هي التي صنعت من هذا الكيان الجميل، جملة من المشاعر المتشظية، الذاهبة دوماً إلى النبع بغية الرشفة الأخيرة، هكذا تشعر المرأة، بأنها في اللحظة الأخيرة، وأن القادم مجهول، مهما بلغت العلاقة الزوجية من زهو وازدهار، فإن القلب بين الضلوع، يخفق بنغمات الحزن الوجودي والفقدان التاريخي.
نحن نلوم المرأة، ونلقي على عاتقها كل أحمال الحزن الذي تقذفه في وجوهنا كل صباح ومساء، ولا نعلم أن هذا الإرث القديم، هو من سلوك ذكوري بدأ مع تاريخ «الأنا» والتفكير بالفصل العنصري الذي رسخ معالمه الرجل بنفسه.
عندما يقول الرجل للمرأة، أنت أنثى، ويكتفي بهذه الكلمة، من دون أن يوصف معنى «أنثى»، فإنه يطلق أجنحة الأسئلة التي تطير بذهنية المرأة إلى عوالم وهمية، فضفاضة، لا حدود لغلوائها وغليانها، أمر يشيع فاحشة الجبروت في نسق العلاقة بين الرجل والمرأة.
نحن نحتاج إلى قاموس محيط جديد، يفسر لنا مدى ما لكلمة أنثى من مغزى مريع في نفس المرأة، عندما يبحلق الرجل في عينيها، ويسلبها النظرة الأولى، ويسقط من عينيها البريق الأنيق الذي يجب أن تتحلى به كل امرأة، لم ينلها من النكوص ما يخذلها، ويحطم أشجار القلب، ويحول الحقل المعشوشب إلى صحراء جرداء، خاوية من الاخضرار.
المرأة لا تغمض عينيها بالسرعة الممكنة؛ لأنها مطاردة من وحش تاريخي، هيض فيها جناح القوة، وجعلها تركض خلف سراب القوة، جعلها تسابق الوهم، كي تلحق بما هو فائت، وما هو يعلو فوق الجبين.
المرأة بإمكاناتها الهائلة، تشعر بالضعف، عندما لا تغمض عينيها على صورة مثالية لعلاقة إيجابية، تملأ القلب بأزهار الفرح، وتوسع الإدراك، بحيث يصبح العقل فناءً واسعاً، مضاءً بمصابيح الوعي، بأهميتها ومكانتها، ورونقها وروعتها، ويراعها وإبداعها.
المرأة تنام ولا تنام؛ لأن في عينيها تبقى الأسئلة صاحية، مثل خيال الشمس في النهار، مثل عيون الجوارح فوق القمم، مثل كل كائن لا يخبئ أسئلته في معطف السكينة.
المرأة هي هكذا مخلوق، يكمن جمالها في أسئلتها المخبأة في عينيها.