كبوة في التربية، فشل في العطاء، خضوع لإسقاطات تتوالى مثل ذرات الغبار على صفيحة قديمة.
عندما يسيء الأبوان فهم صرخة الصغار، تتحول الصرخة إلى صخرة تتدحرج على الرؤوس، تتحول الرؤوس إلى مدرج مهشم لا يصلح للوصول إلى الأدوار العليا في الحياة.
يكبو الكبار، ويتعثر الصغار، فتتبعثر خطواتهم في الطريق، وتصبح الخطوات، هفوات، ثم زلات، ثم زلزلة. هكذا تتهدم المعابد، وتشيع فيها فوضى القراءات للواقع، ما يجعل القراءات، هراءات، ويحيل الهراءات إلى هراوات، تقصف الوجدان، والأشجان حتى تنحني الأفنان، وتنثني، وتصبح الشجرة الكبيرة، عملاقاً أسطورياً استحال إلى أحفورة، والأحفورة تتحول إلى حفرة سوداء، تهيم فيها أفكار أشبه بالأحجار، صماء بكماء، عمياء.
كبوة الكبار، قد تأتي إثر كلمة نابية، أو نظرة محبطة، أو في أقصى حالات القسوة، تكون صفعة تدير الخد، يمنة أو يسرة، ليصبح العالم في نظر الصغار، مجرد صفير الريح في وعاء أجوف، أو هدير الموج في وجه أعجف، أو زئير الأسد في غابة متوحشة.
الصغار المتنمرون، أو المتذمرون، أو المغبونون، هم في نهاية المطاف ضحايا واقع أسري، مزقت خيامه عاصفة التهدج، والترجج، هم بقايا أسرة أطاحت بجدرانها علاقة أسرية غير سوية، هم نفايات تاريخ أسري، قذفتها قلوب واجفة، مرتجفة، مضرجة بدماء الصفع، والمنع، والردع، والصدع، والدفع إلى نهايات قصوى، في كبح الخيول من الوصول إلى ميادين الظفر.
الصغار، المنكسرون، والكاسرون، هم زجاجات نوافذ هشمتها رصاصات طائشة، جاءت من زوايا، مشاعر أبوية، قاصمة.
الصغار هم مثل فلول مشردين ألقوا بأنفسهم في عرض المحيط، هرباً من قصف عشوائي، دارت رحاه في محيط أسرة اختلف أطرافها، ولم يحتكموا إلى العقل، حتى أصابهم الغثيان، ودوار التربية السيئة.
الصغار إن زلوا، أو انحرفوا، أو شذوا عن السرب، إنما هم طيور لم يكتمل ريش أجنحتهم وما إن يشعروا بالصوت المزلزل، حتى ينفضوا هروباً، إلى الهاوية، حتى ينفروا سقوطاً في الحضيض.
فأينما وجدت طفلاً متحشرجاً، فاسأل عن أبويه، اسأل عن الأحضان، فسوف تجدها، مواقد تفور بجمر التنافر، والتضاد، والتناقص، ستجد الأحضان ممالك متفرقة، وطرائق ممزقة، وحرائق، مشتعلة، وبنادق مسدودة باتجاه الصدور.
أينما تجد فتى يغرق في الحماقات، فتأكد أن وراءه أسرة تنوء بأحمال الكراهية، والعصاب القهري، والاكتئاب السوداوي، والحزن التاريخي، المؤدلج بعقيدة، أو فكرة، أو ثقافة ما.