- ما ضر ذلك المدرس الغاضب دون سبب أن يقول لذلك التلميذ الذي اجتهد، وقرأ، ليبز زملاء صفه، وقد فعل ذلك لنفسه، ماضره في ذاك النهار الغاضب فيه، لسبب لا يخص التلميذ، لو أرسلها كلمة طيبة ترفع من أجنحة ذلك التلميذ، ولا تكسر قلبه، وقد تنير له نحو السمو طريقه ودربه؟!
- ما ضر ذلك الزوج لو تغاضى عن تلك الهفوة الغاضبة من زوجته، وهي التي ملأت دنياه بأشياء جميلة وكثيرة؟! ما ضره لو سمح لتلك الريح الساخنة أن تمر، ولا يغلق أبواب البيت على الغضب، والتمادي في العناد الفارغ؟! ما ضره لو أرسل قبلة قد تطفئ كل تلك الحرائق غير المقصودة؟!
- ما ضر ذلك المدير المتعالي بوظيفته غير المستقرة، لو استمع لذلك الموظف المخلص والخجول والمعتد بنفسه التي لا تشبه نفوس الذين يعرفهم المدير بتملقهم، وزيفهم المداهن للضرر والمنفعة الشخصية، ما ضره لو استمع له بروح العمل الصافية، ولم يرمقه بتلك النظرة الساقطة والساخطة؟! ساعتها رفع من روح المتملق، وداس على نفس المخلص، كانت كلمة واحدة فقط تعلي من شأن ذاك النقي، فيكبر المدير بفعله الحقيقي.
- ما ضر كثير من الناس حين يرون شخصاً محباً للكل، وناجحاً دون مساعدة الكل، ولا يضمر شيئاً من الأذية، ولا الشر للكل، يقتله خجله، والذي في يده ليس له، لكنه لا يقبل شيئاً أقل مما يستحق، وتتساوى عنده الأمور، يتكالبون عليه جميعهم، وكأنه يذكرهم برجسهم ودنسهم، وهم يحاربونه بسبب تلك النظافة اللامعة، والمفطور عليها، والتي لا يحب أن يتنازل عنها، لأنها مفتاح السعادة الغائبة؟!
- ما ضر ذلك الذي يعد من هرط الرجال، الممتلئ هواء في المعدة، وفراغاً في الرأس لو قدّر نفسه فسواها، وترك عنها فجورها، وسعى لتقواها، ليثبت لنفسه وللناس أن الإنسان يتغير، ويتبدل نحو الأفضل والأجمل، والأصدق في دنياه؟! لكنه تهافت، وتبع هواء المعدة، وفراغ الرأس، فكان من المدحضين الضالين!
- ما ضر تلك المرأة التي تركب تخيلاتها مراكب كبيرة مسرعة نحو وأد الأشياء الجميلة في نفوس الآخرين، ورميهم في البحر يبساً، ما ضرها وهي التي تجري من تحتها الأنهار، لو قالت: الحمد، والشكر، وجمال الخير، ودوام النعم، وهي التي جاءت من أقصى المدينة كامرأة تسعى، لا بلد ولا ولد، ولا تلد، ولا شيء من التقوى؟! ما ضرها لو تذكرت كل ما كان قبلاً، وما صار بعداً، وأرفقت اللين والدعة والسماحة، وتركت الشكوى؟!
- كلمات تقتلنا.. كلمات تُحيينا، كلمات هي الود والورد، وكلمات هي الرماد ومستصغر الشرر، كلمات هي بلا خسر، مفتاحها الحب، وما يمليه القلب الطاهر، وكل ما هو جميل بالصبر، كلمات تقتلنا.. كلمات تُحيينا، كلمات تنهش عظامنا، وكلمات جابرة للكسر!