سيراً على نهج القيادة الرشيدة في دولة الإمارات العربية المتحدة في اعتماد المبادرات والبرامج التي تقدم من خلالها تسهيلات بالغة الأثر للأفراد والشركات، لتمكينهم من مواجهة ما تركه وباء كورونا المستجد (كوفيد – 19) على أنشطتهم وأعمالهم، قام مجتمع دولة الإمارات، بمؤسساته وجمعياته التطوعية وجهود أصحاب الأعمال والشباب وغيرهم، بابتكار مبادرات مجتمعية تقف صفاً واحداً في مجابهة التحديات التي تعصف بالعالم أجمع جرّاء انتشار الوباء.
هذه الجهود المجتمعية التي تعبّر عن روح التضامن والالتزام الوطني القائم على قيم حب الخير والتعاضد والدعم، أفرزت مجموعة كبيرة من المبادرات، ففي الـ 25 من مارس الماضي، وبالتنسيق بين الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث وهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، والجمعيات والمنظمات الإنسانية في دولة الإمارات، أُعلن إنشاء «صندوق الإمارات وطن الإنسانية» في الدولة لمواجهة «كورونا»، وذلك من خلال استقبال مساهمات الأفراد والمؤسسات، المادية والعينية، بهدف توحيد جهود المواجهة في الحد من تداعيات الفيروس الصحية والإنسانية والاقتصادية والاجتماعية وفق آلية خاصة بإدارة وتنظيم وإدامة المساهمات، بما يجسد مضامين التلاحم المجتمعي والانتماء الوطني.
إن «صندوق الإمارات وطن الإنسانية»لا يعدّ المبادرة اليتيمة التي جاءت لمواجهة آثار «كورونا»، إنما اعتُمِدت مجموعة أخرى من المبادرات الملهمة، حيث أطلق أطباء الإمارات مؤخراً حزمة أفكار مبتكرة للحد من انتشار الأمراض المعدية، وخصوصاً «كورونا»، من خلال تحويل 10 أفكار إلى مشاريع واقعية، عبر تخصيص مليون درهم في السنوات الخمس المقبلة، لخلق جيل جديد من رواد الأعمال الشباب الإنسانيين وتمكينهم من التخفيف من معاناة المجتمعات، ومن أبرز هذه الأفكار: تدشين أول وأكبر مستشفى متنقل يقدّم خدمات الكشف المبكر والعلاج المجاني لمرضى «كورونا»، وتأسيس أول أكاديمية ذكية في العالم للأمراض الوبائية، وإطلاق أول مركز تدريب متنقل لهذه الأمراض، وتنظيم سلسلة من الملتقيات الافتراضية، وإطلاق أول حملة عالمية تطوعية لمواجهة الفيروس، وإطلاق جائزة أبطال الرداء الأبيض كأول جائزة تمنح للأطباء الذين أسهموا بشكل فاعل للحد من انتشار «كورونا» من شتى بقاع العالم، الأمر الذي يُبرز تصميم الشباب على فعل الخير، ويرد الجميل في الوقت نفسه لحملة «لا تشلون هم».
لقد شعر أفراد المجتمع في دولة الإمارات، على اختلاف فئاتهم العمرية والجندرية، أنهم أصحاب مسؤولية في جهود احتواء «كورونا»، واعون لدورهم في هذه الأزمة ومسؤولياته في اتباع إجراءات الوقاية، وتقديم الدعم بكل أشكاله للمتضررين، من خلال مبادرات تقدّم بها أفراد وشركات ومؤسسات لتحقيق تلك المستهدفات، كإطلاق هيئة المساهمات المجتمعية في أبوظبي برنامج «معاً نحن بخير»، وإطلاق موانئ أبوظبي مبادرة «أصداء الأمل»، بالتعاون مع الهيئة الاتحادية للمواصلات البرية والبحرية، ومشاركة جميع موانئ الدولة تضامناً مع فرق مكافحة الفيروس، في مبادرة تعد الأولى من نوعها عالمياً، تقوم السفن التجارية والقاطرات البحرية بإطلاق أبواقها يومياً في تمام الساعة 6:30 مساء، في إشارة ترمز إلى تحية العاملين ودعمهم في المواقع الحيوية والخطوط الأمامية كافة للتصدي لتداعيات الوباء.
إن تضافر الجهود الوطنية، أفراداً ومؤسسات، في أزمة «كورونا» تُظهِر مدى الإخلاص الذي تكنه قلوب هذه الفئات تجاه وطنها، ويعزز من قيم التلاحم المجتمعية الأصيلة التي يحملها أبناء الإمارات في أنفسهم وأرواحهم، مقدّمين للعالم صورة بهيّة ونموذجاً يحتذى به في الوطنية والولاء والانتماء، لتراب هذا الوطن الطاهر الذي تربى على ثوابت راسخة من الترابط والتكاتف والالتفاف حول الوطن وقيادته الرشيدة، التي علّمت الناس أن الإسهامات الخيرية والإنسانية والمجتمعية واجب وطني وأخلاقي، لكونها الطريق الأهم والأبرز في مواجهة أي تحديات ومواقف صعبة تعصف في وجه الإنسانية، وأنها أحد أوجه الاستقرار والسعادة والأمن والأمان التي تحرص الدولة من خلالها على المضي قدماً في إطار نهجها الإنساني في مد يد العون والمساعدة للبشرية في هذه الظروف.
 
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.