كانت دولة الإمارات العربية المتحدة من أوائل الدول التي أدركت الأهمية الحيوية لتوظيف أدوات التكنولوجيا الحديثة لتطوير عمل الحكومة، بما يضمن تحسين جودة الخدمات المقدمة للجمهور، والعمل على تطويرها بشكل مستمر. ويتولى قطاع المعلومات والحكومة الذكية المسؤولية عن دعم البنى التحتية والاستراتيجيات التي تدفع عجلة التحول الذكي للجهات الحكومية في دولة الإمارات، من خلال تنفيذ خطط الحكومة الذكية، تماشياً مع استراتيجية الحكومة للتحول الإلكتروني والذكي، بما يسهم في تحقيق المؤشرات الوطنية ذات الصلة، ويوفر كل الظروف الملائمة للوصول إلى الرقم 1 عالمياً في الخدمات الذكية.
وقد جاءت النقلة النوعية التي شهدتها دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال رقمنة العمل الحكومي، في الثاني والعشرين من مايو 2013، حين أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مبادرة الحكومة الذكية من أجل توفير الخدمات للجمهور حيثما كانوا وعلى مدار الساعة. وقد جاءت هذه المبادرة في سياق توجهات الحكومة في تطوير الخدمات الحكومية وتحقيق جودة حياة عالية لمواطني دولة الإمارات والمقيمين على أرضها، وفقاً لرؤية الإمارات 2021. وفي إطار تطبيق تلك المبادرة، تم اعتماد العديد من المشاريع والمبادرات الفرعية، ومنها الشبكة الإلكترونية الاتحادية، ومركز الإبداع الرقمي، ومتجر تطبيقات الحكومة الذكية، والتطبيق الموحد للخدمات الحكومية، ومشروع الدخول الذكي، وغيرها الكثير.
وفي ظل الظروف العصيبة التي يعيشها العالم خلال الفترة الراهنة، عقب تفشي وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19)، وما استدعته من تطبيق أسلوب العمل عن بعد، بات جلياً أن البنية التكنولوجية التي تمتلكها دولة الإمارات العربية المتحدة، قد مكنتها من مواجهة هذه الظروف بكل اقتدار. وقد أكدت الحكومة جاهزيتها التامة لتقديم الخدمات الحيوية كافة إلى جميع المتعاملين بكفاءة عالية، ترجمة لتوجيهات القيادة بتوظيف الخدمات الذكية ومنظومة التكنولوجيا المتقدمة التي طوّرتها خلال السنوات الماضية لتسهيل تقديم الخدمات وإنجازها بسرعة ويسر، وتعزيز التواصل مع المتعاملين في جميع أماكن وجودهم. جاء ذلك، خلال الاجتماع الأول للجنة استمرارية الخدمات الحكومية الاتحادية الذي تم عقده «عن بُعد»، تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة، وبحث سبل ضمان استمرارية تقديم الخدمات الحكومية لجميع أفراد مجتمع دولة الإمارات في مختلف الظروف من خلال القنوات الرقمية والذكية، ودعم الجهود لمواجهة تحديات انتشار فيروس كورونا المستجد «كوفيد- 19»، والحد من آثاره على القطاعات كافة.
وفي الواقع، فإن الجاهزية الرقمية العالية المستوى التي تتمتع بها دولة الإمارات العربية المتحدة قد سهلت استمرارية تقديم أفضل الخدمات الحكومية عن بعد، على النحو الذي يلبي تطلعات المتعاملين بكفاءة ومرونة عالية، والوصول إليهم في أماكن وجودهم، لتجنب تعريضهم لأي مخاطر قد يفرضها انتشار فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19»، وذلك في إطار الجهود الوطنية الشاملة للتصدي للفيروس والحفاظ على سلامة المجتمع. وقد أكد محمد بن طليعة، مساعد المدير العام للخدمات الحكومية في مكتب رئاسة مجلس الوزراء بوزارة شؤون مجلس الوزراء والمستقبل رئيس لجنة استمرارية الخدمات الحكومية الاتحادية، أن الجهات الحكومية الاتحادية مستعدة لتقديم خدماتها للمتعاملين عبر القنوات الذكية بكفاءة وجودة عالية، وإيجاد حلول سريعة وفاعلة لمختلف التحديات، مشيراً إلى أن حكومة دولة الإمارات استطاعت بناء منظومة عمل متقدمة مكّنتها من تقديم 95% من الخدمات عبر القنوات الذكية بواقع 180 خدمة، ولافتاً النظر إلى أنه تم خلال الأسابيع الثلاثة الماضية إنجاز 3 ملايين معاملة عبر المنصات الذكية، ما يؤكد الجاهزية التامة للتعامل مع مختلف التحديات.
ومما لا شك فيه أن تعميق الخدمات الرقمية يتطلب بالضرورة تعزيز الوعي المجتمعي وتشجيعه لتحقيق أقصى فائدة من منصات الخدمات الذكية التي يتم تقديمها عبر القنوات الرقمية لحكومة دولة الإمارات بدلاً من زيارة مراكز الخدمة، وضرورة تنسيق الجهات كافة مع لجنة استمرارية الخدمات الحكومية الاتحادية في جميع الإجراءات التي تؤثر في سير الخدمات الحكومية، وضمان توفيرها للمجتمع «عن بُعد».
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجيجة.