يحظى قطاع الثقافة باهتمام كبير من قبل القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي تدرك، عن حق، أهمية الثقافة كعنصر أساسي من عناصر القوة الناعمة، وقد تعاظم هذا الاهتمام خلال السنوات الأخيرة، بالتزامن مع تعاظم الاهتمام العالمي بالثقافة، فتم تدشين العديد من المشروعات الثقافية التي باتت وجهة أساسية للسياحة، مثل متحف اللوفر- أبوظبي. لكن ما يجب تأكيده في هذا السياق أن ذلك الاهتمام ليس حديثاً، فمنذ تأسيسها في الثاني من ديسمبر 1971، كانت دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول التي أكدت أهمية الثقافة وضرورة النهوض بها.
وفي ظل هذا الاهتمام المتواصل بقطاع الثقافة، وتحت رعاية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، بدأ مكتب الدبلوماسية العامة والثقافية التابع للوزارة، تنفيذ مبادرة لدعم الحركة الفنية والتشكيلية في الدولة. وتتمثل هذه المبادرة بشراء مجموعة من اللوحات التشكيلية الفنية التي تحمل توقيع فنانين إماراتيين محترفين وواعدين، وذلك بقيمة مليون ونصف المليون درهم. وقال معالي زكي أنور نسيبة، وزير دولة، المشرف على هذه المبادرة، إن المرحلة المقبلة ستتضمن شراء لوحات فنية من إبداع الفنانين المحليين المقيمين في الدولة منذ مدة طويلة.. وأضاف: «نود إيصال دعمنا لكل من ساهم في إثراء المشهد الفني والثقافي في دولة الإمارات العربية المتحدة».
ومما لا شك فيه أن هذه المبادرة تمثل إضافة مهمة للجهود الكبيرة والمتواصلة التي تقوم بها دولة الإمارات لتعزيز القطاع الثقافي، ويحظى توقيتها بأهمية كبيرة، حيث إنها تأتي في ظل فترة تم فيها إغلاق العديد من المعارض الفنية والمتاحف، وإلغاء الكثير من الفعاليات الفنية التي كان من المقرر عقدها، ومن ثم فإن هذه المبادرة تعد بمثابة رسالة دعم قوية من قبل قيادتنا الرشيدة لفنانينا التشكيليين الذين تأثروا سلبياً بهذه التطورات التي نجمت بطبيعة الحال عن تفشي وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19) في كثير من دول العالم، وعلى إثر ذلك قامت دولة الإمارات بحزمة من الإجراءات الاحترازية، كان منها إغلاق العديد من المعارض الفنية والمتاحف، وإلغاء الكثير من الفعاليات الفنية.
والحاصل أن هذه الأعمال الفنية ستلعب دوراً مهماً في تعزيز الدبلوماسية الثقافية الإماراتية في الخارج، وذلك من خلال عرضها في السفارات والبعثات الإماراتية حول العالم بعد انقشاع هذه الأزمة الصحية العالمية التي يعانيها العالم خلال هذه الفترة، كما أكد معالي زكي أنور نسيبة، الذي قال إن الحكومة الإماراتية ستواصل اقتناء المزيد من الأعمال الفنية للمبدعين المحليين وعرضها في معظم سفاراتها في مختلف أنحاء العالم، مضيفاً أن بداية عرض هذه الأعمال الفنية ستكون في «السركال أفينيو»، الذي يعد واحداً من أبرز المناطق الإبداعية الحاضنة للفعاليات الثقافية في دبي، وذلك ضمن معرض رقمي خلال الشهر المقبل.
والمهم في هذا السياق بطبيعة الحال، انتقاء الأعمال الفنية بشكل جيد، وتوزيعها بالطريقة المناسبة على سفاراتنا وبعثاتنا الدبلوماسية، حتى يتم تحقيق الهدف من وراء القيام بعرض هذه الأعمال في مقر هذه البعثات. ولتحقيق هذا الغرض، تم تشكيل لجنة من المؤرخين والخبراء الفنيين وأمناء المتاحف ليقدموا آراءهم حول طبيعة الأعمال الفنية التي تمثل التقاليد الفنية الإماراتية المتنوعة بالشكل الأمثل، إلى جانب استشارة دبلوماسيينا حول طبيعة المشهد الفني في كل دولة، لنتمكن من اختيار اللوحات الفنية التي تناسب سفاراتنا في كل منها.
إن هذه المبادرة التي قدمتها وزارة الخارجية والتعاون الدولي لدعم الحركة الفنية والتشكيلية في الدولة، تؤكد مجدداً حرص قيادتنا الرشيدة على دعم القطاع الثقافي، وهذه المبادرة التي تتضمن شراء أعمال فنية وتشكيلية وعرضها في مقار سفاراتنا وبعثاتنا الدبلوماسية في الخارج، تمثل في الوقت نفسه فرصة للترويج لثقافتنا الوطنية والتعريف بهويتنا الوطنية في دول العالم المختلفة، من خلال هذه الأعمال التي تجسد واقعنا الثقافي وهويتنا الوطنية.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.