منذ أن بدأ فيروس كورونا المستجد «كوفيد - 19» يقضّ مضاجع العالم، تنبّهت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى الآثار التي سيخلّفها هذا الفيروس على مجموعة من القطاعات الحيوية، والتي ستطال آثارها الأفراد والمجتمعات، ولذا فإن المتتبع للمبادرات والإجراءات التي اتخذتها حكومة الدولة عموماً، وحكومة أبوظبي على وجه الخصوص، يرى مقدار تضامن القيادة الرشيدة مع أفراد المجتمع، ووضع مصالحهم الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية فوق أي اعتبار، من خلال اعتماد كل ما من شأنه تعزيز قدرة الأفراد والشركات والمستثمرين ورواد الأعمال، المتضررين من انتشار «كورونا»، على تجاوز التحديات المالية التي تواجههم، والمضي قُدماً نحو حاضر ومستقبل أكثر رفاهاً واستقراراً.
آخر تلك المبادرات، التي جاءت لتتماشى مع توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، حفظه الله، في دعم المجتمع والشركات في الإمارة، هي اعتماد حكومة أبوظبي حزمة شاملة من الحوافز المالية، وضمن الجهود المشتركة بين بنك أبوظبي الأول، ومصرف أبوظبي الإسلامي، وبنك أبوظبي التجاري، بالتعاون مع دائرة المالية ودائرة التنمية الاقتصادية، لتقدّم الدعم الفوري للأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة في الإمارة، بتقليل التكاليف المتعلقة بالتمويلات، وتسهيل الحصول عليها، والمحافظة على مرونة الاقتصاد المحلي.
المبادرات التي تم إعلانها، 10 منها تتعلق بالأفراد المتضررين من آثار «كوفيد-19»، وذلك بناء على تقديم طلبات لبنوكهم، وال 7 الأخرى تخص الشركات الصغيرة والمتوسطة، لتمكينها من تفعيل قروضها ومدخراتها بكفاءة أكبر، مع خفض تكاليف تشغيل أعمالها، حيث يرى المتأمل في المبادرات ال 17 أنها تتلخص في تأجيل سداد الأقساط المستحقة، والفوائد على القروض الحالية والجديدة وبطاقات الائتمان للعملاء المؤهلين من الأفراد، بفترة سماح تصل إلى 3 أشهر، وإتاحة إمكانية سداد فواتير المياه والكهرباء على أقساط ميسرة، من دون رسوم خدمة حتى 30 يونيو المقبل، وتوفير برامج تقسيط للرسوم الدراسية من دون أي فوائد أو رسوم خدمة وغيرها. وبخصوص المبادرات المقدمة للشركات، فسيتم تخفيض رسوم خدمة التاجر للعملاء المؤهلين من الشركات الصغيرة والمتوسطة، ذات قيمة الاستخدام الأقل من 5 ملايين درهم من المدفوعات سنوياً بنسبة 50% حتى 30 يونيو المقبل، وتخفيض جميع الرسوم والأسعار المطبقة على الحسابات من دون رصيد بنسبة تصل إلى 50%، ومجموعة أخرى من الإجراءات التي توفر لها المزيد من السيولة.
إن هذه المبادرات ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، التي تهدف إلى تمكين الأفراد وأصحاب الأعمال من مواجهة آثار «كورونا» على أوضاعهم الاقتصادية في أبوظبي، فمؤخراً، أقرّ مجلس الوزراء مجموعة مبادرات، اتحادية ومحلية، استهدفت مختلف القطاعات لمساعدتها على إدامة نشاطها في ظل التباطؤ الذي يشهده الاقتصاد العالمي حالياً، وكان آخرها إعلان مجلس الوزراء حزمة دعم بقيمة 16 مليار درهم، أوصلت إجمالي الحزمة التحفيزية الاقتصادية إلى 126 مليار درهم في الدولة، إضافة إلى حزمة إجراءات أخرى تسعى إلى خفض كلفة الأعمال، والتعجيل بتنفيذ مشروعات البنية التحتية الحكومية الكبرى.
وقبل ذلك، كان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، قد وجّه بإطلاق حزمة من الحوافز الاقتصادية الجديدة تتضمن 16 مبادرة لتعزيز ثقة المستثمرين والمتعاملين في الأسواق، وإعطاء دفعة كبيرة لمختلف قطاعات الاقتصاد، برزمة محفزات جاءت ضمن برنامج «غداً21»، تتضمن تخصيص 5 مليارات درهم لدعم الكهرباء والمياه للمواطنين والقطاعات التجارية والصناعية، وتخصيص 3 مليارات درهم لبرنامج الضمانات التجارية لتحفيز تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتخصيص مليار درهم لتأسيس «صندوق صانع السوق» في سوق أبوظبي للأوراق المالية، وغير ذلك من المحفزات التي تبعث برسائل اطمئنان بشأن مقتضيات النشاط الاقتصادي، وضمان نموه واستدامته.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.