في الأزمات والكوارث، يظهر كيف يمكن للقطيع أن يكون سلس الانقياد، فإذا طفت إشاعة على موج الأزمة سرت كالضوء، وتبناها الكثيرون بانصياع دون تردد، وفي ذات الوقت يصعب أن تكون لهم عقول تسمع وترى وتعي، وتقرر ما يمكن أن يكون صالحاً لهم كجمهور أو كمجتمع.
ومن هنا تظهر أهمية دور المتحدث الرسمي، وخلية الأزمة التي تستعين بالمستشارين أصحاب الخبرات.
لكن انصياع البعض للتعليمات الصحيحة لا يأتي بشكله السلس دائماً، بل إنه يواجه مقاومة شرسة ترفض الاعتراف بالواقع، وتحاول التمسك بتفاصيل متوهَّمة، غير أن المقاومة تخضع مع الوقت لمخاوف جمة تأتي من كل الاتجاهات.
ومن السهل جداً بالنسبة للبعض، إصدار التعميمات والنصائح والادعاء بالمعرفة، ومن الصعب جداً أن تكون هناك آذان صاغية إلا لمخاوفها الخاصة.
وتجربة كورونا على مستوى العالم ليست تجربة عادية، ولن تمر دون أن تتعلم منها البشرية قراءة ذاتها، ومعرفة مكامن الشك في كثير مما يقال، تساعد دائماً على قطع دابر الشائعات بالخبر الرسمي الموثوق، والذي ينصاع له الجميع وبسرعة كافية لمحاصرة هذا المرض.
ثقافة الثقة ضرورية في أوقات مثل هذه، وهي ثقة من يدرك ويعي حجم الكارثة التي يمكن أن تكون لو استهتر بها البعض، لأن ذلك ببساطة سينعكس على الجميع انعكاساً صعباً وذا تكلفة عالية.
من هنا كانت بعض الشعوب مخطئة في تعاملها مع الأزمة الحالية، إذ ترى وكأن الأمر عبارة عن إجازة ستمر دون ثمن، لكن ثمن جوائح مثل كورونا يصعب إلا أن يكون ثمناً باهظاً قد يؤدي بحياة أي منا، إذا رفضنا التصديق بأن المرض يقف متربصاً بالباب.
الشلل الذي أصاب مفاصل العالم لا يمكن أن يكون سهلاً أو آتياً من مؤامرة، ففرضية المؤامرة لا تغني من جوع ولا تشفي من مرض.
المهم اليوم هو الحديث الرسمي فقط، ومتابعته وتنفيذ أوامره بثقة ودقة تامتين، حتى تعبر الغمامة القاتمة التي نتمنى أن لا تخلف وراءها غباراً كثيفاً وأضراراً كبيرة.
ويبقى الأساس دائماً هو حاجة المجتمعات إلى التعاضد من جميع أبنائها دون استثناء.

*كاتبة إماراتية